بعد الإعلان عن استئناف جهود الواسطة السعودية – الأمريكية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، من خلال محادثات «منبر جدة»، مطلع مارس القادم؛ وفيما تحاول كيانات سودانية أخرى البحث عن مزيد من المبادرات، لتشتيت جهود «منبر جدة»، وقطع الطريق على أي اتفاق محتمل برعاية الرياض وواشنطن؛ فإن السودانيين من شتى أطيافهم السياسية يُجمعون اليوم على أن لا ثِقلَ لغير المبادرة السعودية الأمريكية. ليس لأن هذين البلدين هما أفضل بلدين في العالم؛ ولكن بسبب ثقة الشعب السوداني بعمق محبته وصلته بأشقائه السعوديين، وبأنهم لا يبذلون جهداً إلا لأنه يحقق صميم مصلحة السودانيين. ولأنهم يدركون جيداً أن السعودية لا تحبذ التدخل في الشؤون الخاصة بأية دولة، وهو ما قامت عليه سياستها الخارجية منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز آل سعود. إن استئناف محادثات منبر جدة أمر مبشِّر لأهل السودان، لكنها مهمة شاقة للوسيطين السعودي والأمريكي، اللذين يتعين عليهما الحصول على التزام صادق من طرفي حرب السودان بتنفيذ اتفاق «منبر جدة» من دون نكوص عن أي عهد يتم التوصل إليه. فخلال شهور الحرب التي تقترب من 12 شهراً، اتضح أن الخاسر الأوحد هو شعب السودان، وموارده، وقدراته، وطاقته البشرية، وأجياله الصاعدة. إنها مسؤولية كبرى لا بد من أن يكون مفاوضا الطرفين على قدرها.