ليكتب النيل على شطه ملحمة قصص بالحب والتضحية تلتهب.
لا زالت الصورة تتمثل في خاطري خروج الملايين في الشوارع والميادين تبحث عن الخلاص من شر جماعة الإخوان وما سوف يأتي منها في قابل الأيام، لينضم إليها جيش مصر مسانداً للشعب محافظاً على إنجازاته وتاريخه بعد أن اقتحم الإخوان في يناير 2011 السجون وخطفوا وقتلوا الجنود والضباط لترسيخ مفهوم الفوضى الخلاقة، اندسوا وسط الانفلات الأمني وقاموا بالتعدي على الوزارات والممتلكات العامة والمنشآت الأمنية والأقسام التابعة لها واقتحام السجون المصرية وتخريبها بعد إطلاق الصواريخ وتهريب ما يزيد على 20 ألف سجين، إضافة إلى حرق مكاتب الشرطة والاستيلاء على أسلحتهم، وقاموا بتهريب عناصر حزب الله وحماس والجهاد والإخوان المسجونين في قضايا ضد مصر.
قتلوا أبناء مصر وأوجدوا فتنة بين الشعب والشرطة ولم يكترثوا لجثث المواطنين المصريين بل داسوا عليها لتنفيذ أغراضهم وأعمالهم الدنيئة، وجعلوا من أرض الكنانة حقاً مستباحاً لكافة الجماعات المتطرفة والكيانات والتشكيلات الإرهابية المجرمة التي خرجت من رحمها، وكانت بمثابة الحاضن والأب الروحي لها، فما من دم معصوم أريق بغير ذنب إلا وكان للإخوان يد فيه. مرتكزاتهم الأيديولوجية إحياء فكرة الخلافة، لتتسق مع أهدافهم لتغيير المجتمعات عبر استلام السلطة، أيًّا كانت الوسيلة المتبعة لتحقيق هذه الغاية،
وهذا ما حاول الغنوشي فعله في تونس قبل أن يسجن وما يفعله الإخونجية في ليبيا وما يجري اليوم في السودان من حرب عبثية يشم فيها عطن جماعة الإخوان.
هذه الجماعة تستهدي بالنهج الميكافيللي، وتتسق مع مفهوم «التقية» الصفوي ولهذا نشطت منذ تأسيسها على خلخلة البنى التحتية للمجتمعات بخطاب ابتزازي مخاتل، يضرب على وتر الشعارات الدينية البرّاقة، محركاً مشاعر الحنين الغامض والمشاعر الفوّراة لدى الشعوب عن طريق الزيت والسكر ومناشط الدعوة والأعمال الخيرية مع ثوب قصير ولحية طويلة وزبيبة في الجبين دلالة على كثرة الحك والفرك وليس من كثرة السجود مع تضليل للرأي العام والعقل الجمعي بأكذوبة أن خلاص الشعوب وسعادتها يكمن بإقامة «الخلافة الإسلامية» والدعوة إلى تطبيق أحكام الشريعة، وتحكيم القرآن الحكيم، في سياق دعائي، رافقه خطاب تكفيري، اعتمد على لي أعناق النصوص، وشحنها بحمولة الطموحات السياسية للجماعة، ولم يقف الأمر عند الخطاب الديماجوجي المستهدف للأنظمة الحاكمة؛ بل دخل دوامة العنف عبر إنشاء تنظيم خاص قام باغتيالات شهيرة عبر تاريخ هذه الجماعة المجرمة.
التحوّل الأيديولوجي الأخطر للجماعة جاء على يد سيد قطب، الذي وسّع دائرة التكفير لتشمل الأنظمة الحاكمة، ومجتمعات المسلمين بالكلية، في كتابه «معالم في الطريق» والممنوع في أغلب دول العالم لما فيه من عنف وهدم وتكفير ودعوة إلى القتل يقول بكل بجاحة «يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة. لا لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله، ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله، ولكنها تدخل في هذا الإطار لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتهـا..
فتتلقى من الحاكمية نظامها، وشرائعها، وقيمها، وعاداتها، وتقاليدها».
معالم سيد قطب مهّد لنشوء الجماعات المتطرفة، والتنظيمات الإرهابية، وأعطاها السند والمبرر الذي تبحث عنه، لتتراحب في فهمه بأقصى ما تجد من سطوة وقدرة على الخروج والعصيان وترويع المجتمعات بالقتل والتدمير.
إن الغاية التي يسعى إليها الإخوان، هي السلطة ولتحقيق هذه الغاية لا تجد حرجاً في استغلال كافة الوسائل، فالغاية عندها تبرر الوسيلة،
ما حدث في مصر صورة تحكي واقع هذه الجماعة الذين فجروا في حكمهم باعوا تراب مصر وعاثوا قتلاً وهدماً وخراباً في أهلها دون رحمة، تجربة الإخوان في مصر كانت بشعة ومريرة كلها فجور وقتل وكذب وتدمير.
يقول النائب العام المصري في محاكمة الإخوان إن المتهمين ألسنتهم عسل وقلوبهم قلوب ذئاب، أرادوا إسقاط البلاد مستغلين ضعفها وتآمروا للقضاء على الدولة وخططوا ومكروا وعقدوا اجتماعات ولقاءات خارج مصر وداخلها، والقاسم المشترك بينهم كان الخيانة والهوان، لكن الله كشفهم كشف جماعة تتستر خلف الإسلام.
ثورة يونيو أنقذت مصر وشعبها من تنظيم إرهابي مجرم وحشي متعطش لسفك الدماء وزهق الأرواح وحب المؤامرات، لم تمنعهم مصريتهم ووطنيتهم التي ينفرد بها المصريون ويحسدهم عليها الآخرون من العبث بأمنهم واستباحته دون أن تطرف لهم عين أو يرف لهم جفن.
من حق الشعوب الأخرى أن تدافع عن وجودها وتحافظ على أمنها من هذه الجماعة الإرهابية وأعمالها التي أسّست للقتل متبنية فكر الخوارج مطالبة بالخروج على الحكام لإشباع نهمهم للاستيلاء على السلطة فتاريخهم ارتبط بالعنف والدم والخراب..
مصر عادت شمسك الذهب تحمل الأرض وتغترب.