التوثيق إرث ثقافي، وتاريخ حضاري، بمختلف المجالات.. وفخر واعتزاز للشعوب، والدول والكيانات، وليس مجرد أرقام، يتبارى على رفعها المنتسبون، كل بحسب تصنيفه وميوله، التوثيق خزان معرفة، وكنز ثري، له روابط وثيقة بالتسلسل الحضاري البشري.. ولا تقتصر أهميته على تسجيل الوقائع، ورصد الأحداث، وإنما يتعدى ذلك إلى التعرّف على مراحل الحركة الرياضية ونموها، كما يعتبر هو جسر العبور إلى بوابة المستقبل، من خلال الوقوف على العوائق، والصعوبات، وتجاوزها بوضع الحلول المناسبة.
والأهم من كل ما سبق من تعريف هناك عامل رئيسي يتصدر اهتمامات القائمين على المشروع الرياضي الوطني الكبير، والتوجه القائم على صناعة رياضة سعودية، قوية ومنافسة، من خلال برامج الرؤية، التي وضعتها الدولة من ضمن الأولويات في الاهتمام والدعم، ورصدت لها الميزانيات، ووضعت الاستراتيجيات والخطط، قصيرة الأجل وطويلة الأجل، لذلك يتجاوز الأمر اهتمامات الأندية ومنتسبيها، ولا يمكن حصره على فئة دون أخرى، بل يرتبط بمشروع جبار.
ويتبيّن لنا من التفسير اللفظي للمفردة (توثيق) ضرورة توفير سلسلة من عناصر العمل المرتبطة، في مقدمتها (موثقين) ممن عاصروا المراحل المتعاقبة، و(وثائق)، وعناصر مكمّلة من الخبراء، وشهود وقائع، وخبراء للتصنيف والإحصاء، لمحاكاة تجارب الدول التي سبقتنا. صحيح أننا تأخرنا كثيراً في التدوين والرصد، والسبب يجمع بين الجهل والميول.. ولكن المرحلة تتطلب خلع الألوان، وتوحيد الهدف، وعدم الالتفات للظواهر الصوتية، وربط ذلك بتاريخ ومستقبل وصناعة رياضة وطن، ولا يغيب علينا أن برامج الخصخصة والاستثمار تعتمد كثيراً على نتائج ملف هذا التوثيق، والشركات لا تتعامل إلا بالأرقام.. فالمستثمرون يبحثون عن الأرباح، ودراسات الجدوى للدخول في هذا السوق الجديد، ونظرتهم مالية بحتة، تتطلب إحصاءات، وجماهيرية، وتسويقاً وعقوداً ورعايات، ولا يمكن إغراء المستثمر أو الشركات بتوقيع عقود استحواذ أو شراكات وما زلنا في عراك على من هو بطل دوري المناطق، ومن خطف كأس المؤسس، والهابط عاد ولم يصعد، وكأس الدوري المشترك غير محسوب، والفيران تتسابق على قفص غينيس، وبنزيما رايح جاي.. والدون يسرح ولا يمرح.. وبرنامج الاستقطاب منصف أو ظالم.. ومانشيني يا دوب يمشيني..!