في المقابل، لا تتوانى الأجهزة الأمنية عن مواجهة المحتالين ورصدهم وتقديمهم إلى العدالة بعد إسقاطهم في حالات تلبس مشهودة، يواكب ذلك وعي المواطن والمقيم بالإبلاغ عن تلك الممارسات الاحتيالية، وإسقاط أصحابها سريعاً.
وفي موسم حج هذا العام ظهرت أنشطة محتالي الحج مبكراً عبر وافدين من جنسيات عربية؛ بعضهم يحمل إقامات نظامية، وآخرون وصلوا بتأشيرات زيارة، شرعوا جميعاً في تقديم عروضهم بأسعار مخفضة مقصودة لإغراء الضحايا واصطيادهم، وأعدوا أسوار معاصم لتضليل الأجهزة الأمنية وإيهام ضحاياهم أن حملاتهم نظامية، وسرعان ما تذوب تلك العصابات كما يذوب السكر في الماء، ليختفوا عن كل عين وتضيع أحلام راغبي أداء الفريضة مع الريح، ويضيع ما دفعوه من أموال هي في غالب الحالات «تحويشة عمر».
أساور مزيفة!
أولى عمليات الإطاحة بتلك العصابات أعلنت عنها شرطة منطقة مكة المكرمة، بالقبض على مقيم من الجنسية المصرية لترويجه حملات حج وهمية وبيعه أساور حجاج مزيفة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وجرى إيقافه واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه، وإحالته إلى النيابة العامة.
وفي بيان آخر، أكدت شرطة العاصمة المقدسة، القبض على مقيم ووافدين بتأشيرتي زيارة من الجنسية المصرية لترويجهم حملة حج وهمية وبيع أساور حجاج غير صحيحة، وجرى اتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم وإحالتهم إلى النيابة العامة. وفي واقعة أخرى، قبضت شرطة العاصمة المقدسة على ثلاثة وافدين بتأشيرات زيارة من الجنسية المصرية لترويجهم حملات حج وهمية، وبيع أساور حجاج غير نظامية، وعرض خدمات التسكين في فنادق عبر منصات التواصل الاجتماعي، وضبط بحوزتهم مبالغ مالية، وجرى إيقافهم واتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم، وإحالتهم إلى النيابة العامة.
إثم ومعصية
شدد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ، على ضرورة حفظ مصالح المسلمين في دينهم ودنياهم، وهو ما اتفقت عليه كلمة علماء الأمة من تنظيم حج النفل بما صدر عن ولي الأمر، وحينئذ فطاعة ولي الأمر واجبة في ذلك، فالمتحايل على التعليمات المنظمة للحج من قبل ولي الأمر يكون عاصياً في حجه ذلك. وتابع آل الشيخ: المسلم لا يرتكب الإثم من أجل أداء عبادة مستحبة، ويخشى على هؤلاء أن يدخلوا في قوله تعالى: «وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا». وأوضح أنه جاء عن بعض سلف هذه الأمة تفضيل الصدقات على نفل الحج، ثم إن نية ترك حج النفل للتوسعة على المسلمين، مع نية الوقوف عند حدود الله في طاعة ولي الأمر يترتب على هذه النوايا، الفضل العظيم والأجر الكبير.
حذارِ من الوهميين
حذّر الأمن العام، المواطنين والمقيمين، من الاستجابة لحملات الحج الوهمية أو التعامل معها، وأكد أن الجهات الأمنية تتابع ما ينشر من إعلانات تهدف إلى الاحتيال على الراغبين في الحج، وسيتم تطبيق العقوبات المقررة نظاماً بحق القائمين عليها، مهيباً بالتقيد والالتزام بما ورد في الآلية النظامية للتسجيل المعلنة من وزارة الحج والعمرة في حج هذا العام عبر المسار الإلكتروني وتطبيق نسك، إذ إنها الطريقة النظامية الوحيدة التي تتم فيها عمليات الترشح بالقبول آليّاً، ويمكن من خلاله استعراض شركات الحج النظامية والاختيار منها.
وأهاب الأمن العام، بالمواطنين والمقيمين، الالتزام بأنظمة وتعليمات الحج والعمرة، محذراً في الوقت نفسه من حملات الحج الوهمية، والإبلاغ عنها بالاتصال بالرقمين (911) في مناطق مكة المكرمة والرياض والشرقية و(999) في بقية مناطق المملكة.
أمامكم 177 شركة خدمة
أكد رئيس المجلس التنسيقي لمنشآت خدمة حجاج الداخل الدكتور ساعد الجهني، أن الحج بالطرق غير النظامية يؤثر على الحج بشكل سلبي، محذراً من الحملات التي توهم الراغبين في الحج بأنها حملات نظامية؛ بهدف جمع الأموال فقط.
وقال الجهني، إن هناك حملات غير نظامية يقوم عليها أشخاصٌ معتدون على الأنظمة، يقومون بإدخال الحجاج إلى المشاعر دون تصاريح، ما يعدُّ مخالفاً للأنظمة والقوانين.
وأوضح أنه جرى التصريح لـ177 شركةً لخدمة حجاج الداخل، وهي تغطي مدن المملكة كافة، إذ يمكن للمواطنين والمقيمين الذين تنطبق عليهم شروط الحج التسجيل من خلال موقع وزارة الحج والعمرة أو تطبيق نسك.
العقوبة تطال المحرّض
وأكد المحامي الشريف، أن من يرتكب تلك المخالفات يعد مساهماً في ارتكاب جرائم الاحتيال المالي الفاعل الأصلي والشريك فيها عن طريق التحريض أو الاتفاق أو المساعدة، وتتوفر مسؤولية الشريك؛ سواء أكان اتصاله بالفاعل مباشراً أم غير مباشر، وبيّن أن عقوبة كل من حرض غيره على ارتكاب أي من جرائم الاحتيال المالي أو اتفق معه أو ساعده إذا وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض أو الاتفاق أو المساعدة هي السجن مدة تصل إلى 7 أعوام مع مصادرة الأدوات والآلات المستخدمة في الجريمة، وكذلك المتحصلات المتحققة من ارتكابها إضافة لغرامة مالية تصل إلى 5 ملايين ريال، وأيضاً نشر الحكم المقضي به على نفقة المحكوم عليه بعد اكتسابه الصفة النهائية.
7 سنوات و5 ملايين غرامة
أكد المستشار القانوني والمحامي رامي الشريف، أن جرائم حملات الحج الوهمية من السلوكيات الموجبة للمساءلة الجزائية، كونها احتيالاً مالياً، وتعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف والمساءلة الجزائية طبقاً للفقرة رقم (8/أولًا) من القرار الوزاري رقم 3000، المحدد للجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف والمساءلة الجنائية تشمل كل من ساهم واشترك في هذه الجرائم عن طريق الاتفاق أو التحريض أو المساعدة. وشدد على أن الأنظمة حظرت كافة الممارسات الاحتيالية بقصد الاستيلاء على مال الغير، ومنها في الحملات الوهمية الاحتيالية أيّاً كان نمطها وصبغتها وطريقة ارتكابها.
وأوضح المحامي الشريف، أنه وفقاً لما نصت عليه المادة الأولى من نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة، فإن الاستيلاء على أموال الآخرين عن طريق خداعهم، أو الكذب عليهم، أو إيهامهم بحملات حج وهمية، جريمة احتيال مالي، تعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، وتصل عقوبتها إلى السجن 7 سنوات، وغرامة 5 ملايين ريال.
منصات معتمدة ومعلنة
حذّرت وزارة الحج والعمرة، من التجاوب مع حملات الحج الوهمية، وأكدت وجود المنصّات المعتمدة والمعلنة. وقالت الوزارة، إن المنصّات المعتمدة للتسجيل للحج من داخل المملكة تتم عبر الموقع الإلكتروني للوزارة وتطبيق نُسك، وللحجاج من أوروبا والأمريكتين وأستراليا من خلال التسجيل عبر منصة «نُسك حج».
وأشارت الوزارة، إلى أن تسجيل الحجاج من الدول الإسلامية يتم عبر مكاتب شؤون الحج المسؤولة عن تسجيل حجاجها بالدول الإسلامية.