أساليب الابتزاز عديدة؛ منها زعم تقديم خدمات المساج عبر سيدات في الخارج تنتهي المزاعم بالسقوط في حبال شبكات إجرامية تعمل على التصوير والتهديد بالفضيحة أو الابتزاز بدفع أموال مقابل الصمت، فيما يحجم الكثير عن الإبلاغ خوفاً من المساءلة.
المساج.. أول طريق للسقوط
المختص في مجال البرمجيات المهندس سعد آل جابر، كشف أن السعودية استقبلت أكثر من 5.5 مليون تغريدة تسوّق عن خدمات المساج خلال عام، وبدأت تتزايد بشكل كبير حتى أصبحت تحتل أغلب محتوى الهاشتاق بشكل غريب ومريب. مشيراً إلى ضرورة كتم جميع الكلمات الشائعة عن الموضوع وعدم التفاعل مع مثل هذا النوع من التغريدات التي لا تعرف من وراء نشرها.
أما الأكاديمي والمختص في التقنية والتجارة الإلكترونية فهد البقمي، فيقول: «إن من أخطر طرق الابتزاز هي حسابات المساج؛ التي تضع صوراً لنساء وتبدأ بمحاولة للتواصل بأرقام الهواتف، بعدها يبحث الجناة عن الرقم في النمبربوك ويعرفون اسم صاحبه.
وتأتي بعد ذلك محاولة استدراجه للحصول على صورة أو مقطع أو محادثة فيديو، وينتهي الأمر بنشرها في (تويتر) وتهديده بالترند في حال لم يدفع!
ومن أساليب الاحتيال الإلكتروني وأوسعها انتشاراً سرقة الصفحات الشخصية في منصات التواصل الاجتماعي (تويتر) و(الواتساب) و(الانتسقرام) التي يتم عبرها استدراج ضحايا آخرين بعد انتحال صفة وهوية الضحية الأولى، وبالتالي إسقاط عدة ضحايا في عملية واحدة، تسهل الحصول على الأموال منهم قبل الاختفاء».
احتفظوا بوثائق الابتزاز
المحامي والمستشار القانوني عبدالعزيز بن دبشي حذّر من الممارسات الخاطئة؛ ومنها الرد على الإساءة بالإساءة، أو التعدي على الآخرين، مشيراً إلى أن الابتزاز يعد من أسوأ أنواع الجرائم، والابتزاز عبارة عن تهديد للشخص بمعلومات، أو صور، أو أي شيء يمس سمعة ومكانة الشخص للوصول لغرض معين؛ سواء الحصول مقابل السكوت والصمت على مال، أو على منفعة ما.
وأكد ابن دبشي أنه يمكن إثبات قضية الابتزاز على الشخص الذي يسعى لارتكاب جريمة الابتزاز عبر جمع كافة الوثائق والأدلة الممكنة التي تثبت صحة الادعاء، والأدلة قد تكون تهديدات مكتوبة أو منطوقة.
وبيّن ابن دبشي أن الابتزاز الشفهي يحتاج إلى وجود شاهد أو تسجيل كاميرات، أو تسجيل صوتي، وهناك أدلة أخرى مستحدثة مع التقدم التكنولوجي الذي يعيشه الناس الآن؛ منها على سبيل المثال، رسائل نصية ورسائل البريد الإلكتروني، والبريد الصوتي، وغيرها من وسائل المراسلات الحديثة.
وأضاف: «يجب توثيق الواقعة التي تتعلق بالابتزاز وتقديم شكوى إلى الجهة المختصة، إما عن طريق الذهاب إلى مركز الشرطة أو الاتصال برقم مكافحة الابتزاز 1909».
وقال «يجب الاحتفاظ برسالة التهديد وتصوير المحادثات والاحتفاظ بالروابط التي أرسلها الجاني وكل التفاصيل والمعلومات التي تساعد على إثبات الواقعة، وذلك حسب طريقة الابتزاز التي استخدمها الجاني».
وإذا اقترن الابتزاز بالتشهير، فإن عقوبة من يشهر بغيره في المملكة التي اعتبرت التشهير هو إهانة لكرامة شخص، والإساءة له، عقوبتها كما نص القانون على ذلك تبدأ بمنع الجريمة من البداية.
والحماية للمجني عليه، وتصل إلى حد السجن لمدة عامين، وغرامة مالية أو أحد العقوبتين، على كل من يرتكب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون، ويدخل فيها بعض الجرائم الأخرى مثل التحرش، والتنمر، والشتم، والسخرية.
المساس بالحياة الخاصة
أوضح المحامي ابن دبشي أن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية غطى في أحكامِه، مجموعةً من الجرائم ذات الصبغة المعلوماتية، ونصّ على عقوباتها صراحةً ضمن 16 مادة، ونصت المادة الثالثة «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى العقوبتين؛ كلُّ شخص يرتكب عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي أو التقاطه أو اعتراضه، أو الدخول غير المشروع لتهديد شخص أو ابتزازه؛ لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، ولو كان القيام بهذا الفعل أو الامتناع عنه مشروعاً، أو الدخول غير المشروع إلى موقع إلكتروني، أو الدخول إلى موقع إلكتروني لتغيير تصاميم هذا الموقع، أو إتلافه، أو تعديله، أو شغل عنوانه. كما يعاقب كل من قام بالمساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا، أو ما في حكمها، أو ارتكب جريمة التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة».
ونبّه ابن دبشي على ضرورة الحفاظ على سرية المعلومات الشخصية وعدم البوح بها لأي جهة غير موثوقة، والحفاظ على أمن البريد الإلكتروني من خلال تغيير كلمة المرور باستمرار واتباع ساسيات الأمان المرتبطة باستخدامه عند إنشاء البريد التي قد تكون سبباً في وقوع الشخص ضحية مبتز.
طلباته لا تنتهي
أكد الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر الجعيد، أن الابتزاز الإلكتروني قد يتم عبر منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب ضعف الوعي وعدم الإلمام بالحقوق والخطوات التي يجب اتباعها عند التعرض لأي مبتز؛ الذي ينجح في الوصول لمعلومات أو صور قد تكون سبباً في وقوع جريمة الابتزاز.
وشدد على أن الابتزاز الإلكتروني هو عملية تهديد وترهيب للضحية بنشر معلومات عنه أو صور خاصة به والتسبب له بالتشهير والفضيحة أو الصمت، وبالتالي التعرُّض للابتزاز بدفع مبالغ مالية واستغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتز.
وأضاف «من تلك الأساليب؛ استخدام تسجيلات المراقبة أو (الداش كام) في تحقيق الابتزاز بارتكاب فعل أو حركة قد تثير الضحية، وبالتالي يقدم على فعل يدينه ويتم توثيق ذلك الفعل عبر الكاميرات ويسقط في أيدي المبتزين، وهو ما يستوجب التنبه لتلك الأفعال وكبت الغضب وتقديم أية معلومة أو بلاغ لجهات الاختصاص؛ التي تقوم بمهامها في ردع ضعاف النفوس».
ونبه الجعيد إلى كيفية التخلص من الابتزاز الإلكتروني بالتوقف عن مراسلة الشخص المبتز نهائياً، وتعطيل جميع قنوات التواصل معه وعدم إظهار أي ضعف له أو خوف، وعدم الانجرار إلى ما يطلبه المبتز؛ لأن طلباته لا تنتهي.
ما ينسكت عنه
دعا مجلس الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي، إلى توعية الأطفال عند استخدام الإنترنت بطرق التعامل، محذّراً من ابتزازهم، تحت وسم «ما ينسكت عنه».
وأوضح المجلس أن هناك ثلاث نقاط يجب أن تذكّر طفلك بها عند استخدام الإنترنت؛ أولاها تحديد ما يسمح بمشاركته عبر الإنترنت، بحيث لا تكون صوراً شخصية من داخل المنزل أو للطفل أو صوراً وفيديوهات مخلّة بالآداب، سواء إذا أُرسلت للأقارب أو للغرباء.
وثاني النقاط أهمية الخصوصية وعدم نشر معلومات خاصة بالطفل أو بالعائلة، مثل: رقم الجوّال أو بيانات السكن أو المدرسة. والنقطة الثالثة أن الابتزاز يعد جريمة ويجب مصارحة الوالدين بها على الفور لحلها.
وأوصى مجلس الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي، أولياء الأمور بالحرص على توعية أطفالهم عند استخدام الإنترنت، مبيناً كيفية التعامل معه عبر مجموعة من النقاط.
وأوضح، أنه يجب على أولياء الأمور تحديد ما يُسمح مشاركته عبر الإنترنت، بحيث لا تكون صورة شخصية من داخل المنزل أو للطفل أو صوراً وفيديوهات مخلة بالآداب، سواء إذا أُرسلت للأقارب أو للغرباء.
امتهان باحثات عن عمل
أكد مصدر مسؤول في النيابة العامة، أن تحقيقات نيابة الآداب أثبتت قيام مواطن بالاحتيال على نساء عدة باحثات عن عمل؛ وذلك بالتواصل معهن واستدراجهن عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي بإيهامهن أنه سيقوم بتوظيفهن.
وأبان المصدر أن المتهم طلب من ضحاياه بيانات خاصة وصوراً شخصية، إضافة لصور من الوثائق الرسمية والهوية الوطنية، ومن ثم تخزينها على هاتفه النقال، والقيام بابتزازهن لمقاصد سيئة.
وأوضح أنه جرى إيقاف المتهم وإقامة الدعوى العامة بحقه، للمطالبة بالعقوبات المشددة في هذا الشأن.
وأكد المصدر على أن هذه الأفعال من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، ودعا الجميع إلى ضرورة حماية البيانات الشخصية، وعدم إفشائها، أو الإدلاء بها، إلا للجهات الرسمية أو عن طريق القنوات المعتمدة في هذا الجانب.
وشدد على أن النيابة العامة ماضية في مكافحة الاحتيال بكافة صوره وأشكاله، وأنَّ من تسول له نفسه باستغلال الأشخاص والاستيلاء على بياناتهم الشخصية، بقصد الإضرار بهم، أو ابتزازهم؛ فستتم إحالته للمحكمة المختصة لتطبيق العقوبات المشددة بحقه.
وشددت النيابة العامة على ضرورة عدم التعاطي مع المبتزين أو الموافقة على مطالبهم؛ سواء كانت مادية أو معنوية، وضرورة التبليغ في حال التعرض إلى أي شكل من أشكال التهديد بشكل فوري وعاجل عند التعرض للابتزاز، مؤكدة على التزام النيابة العامة بالسرية التامة والسرعة في مثل هذه القضايا.
وحظرت النيابة كافة سلوكيات جريمة الابتزاز، المُولدة لتعطيل إرادة المجني عليه وسلب اختياره ورضاه، وحمله على قبول ما لم يكن يتقبله اختياراً، كالتهديد أو الإكراه المعنوي ويشمل ذلك الشأن استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة المعلوماتية، للحصول على منافع مادية أو معنوية.
إبلاغ «كلنا أمن»
أعلنت هيئة حقوق الإنسان آلية التحرك في حال التعرُّض للابتزاز أو التشهير أو اختراق حسابات التواصل الاجتماعي، ودعت المواطنين إلى الإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية عبر تطبيق البلاغات الأمنية «كلنا أمن»، وأوضحت أن الجرائم الإلكترونية تشمل المساس بالحياة الشخصية، والتهديد، وانتحال شخصية، والابتزاز، واختراق حسابات التواصل الاجتماعي (تويتر، إنستغرام، سناب شات، يوتيوب، فيسبوك وأخرى)، والتشهير، والنصب والاحتيال.