وأوضح آبي أحمد أن بلاده تمكنت من التغلب على التحديات الداخلية والخارجية، قائلاً عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي: «لمن دواعي سروري أن أعلن عن الانتهاء بنجاح من عملية التعبئة الرابعة والأخيرة لسد النهضة، لقد ساعدنا الإثيوبيون من خلال العمل معاً، هنيئاً لكل من شارك في العمل بأمواله وعلمه وطاقته ودعواته، وينبغي أن يتكرر هذا التعاون في شؤوننا الأخرى أيضا».
واعتبر عدد من المراقبين إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي تهديداً جدياً لحصة مصر من مياه نهر النيل، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ما الآثار السلبية المتوقع حدوثها على كل من مصر والسودان من أزمة السد؟
ويرى أستاذ الموارد بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي أن إعلان إثيوبيا الانتهاء من الملء الرابع للسد، بما يعني أن مساحة التخزين للمياه وصلت إلى 36 مليار متر مكعب، بما يعادل أكثر من ضعف حصة مصر السنوية من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وهو ما يمثل خطراً كبيراً على دولتي المصب مصر والسودان، خصوصاً أن القاهرة في ظل نقص ملحوظ بإنتاج كهرباء السد العالي نتيجة انخفاض منسوب بحيرة ناصر، فضلاً عن تآكل الرقعة الزراعية، كون كل 5 مليارات متر مكعب من المياه تنقص من حصة مصر، يعني بوار مليون فدان من إجمالي مساحة الرقعة الزراعية في مصر البالغة نحو 8.5 مليون فدان، وبالتالي خسارة مليار دولار سنوياً في مجال الزراعة.
وقال شراقي لـ«عكاظ»: «إن السد العالي يستطيع تعويض الفارق من المياه على الأراضي الزراعية ومحطات شرب المياه، ولكن هذا الأمر لن يستمر طويلاً»، مبيناً أن مخاطر السد الإثيوبي على مصر متعددة ولا يمكن حصرها، أهمها اختفاء أجزاء من محافظات الدلتا نتيجة تراجع منسوب النيل، ما يؤدي إلى دخول مياه البحر المتوسط، وزيادة معدلات ملوحة التربة، ونضوب مخزون المياه الجوفية المصدر الثاني للمياه في مصر، وتراجع محصول الثروة السمكية النيلية والسياحة النيلية، محذراً من خطورة حدوث انزلاقات وهبوط في السد الإثيوبي وهو ما يؤدي إلى ضياع مدن السودان.
وانتقد شراقي مزاعم إثيوبيا المستمرة بأن عمليات الملء لم تضر دول المصب، متوقعاً أن تواصل القاهرة جهودها السياسية والدبلوماسية للوصول لاتفاق قانوني ملزم، رافضاً سياسة الأمر الواقع التي تسير عليها أديس أبابا في أزمة السد منذ إنشائه عام 2011 حتى اليوم.
يذكر أنه في نهاية أغسطس الماضي تم استئناف المفاوضات بين الدول الثلاث في القاهرة، بعد توقف دام 3 سنوات، ولم يشهد الاجتماع الأخير أي تغيرات ملموسة في مواقف الجانب الإثيوبي، على رغم اللقاء الذي عُقد بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا بالقاهرة في يوليو الماضي، وأكدا على ضرورة التوصل إلى اتفاق خلال 4 أشهر. وقدم فريق التفاوض المصري خلال الاجتماع الأخير مقترحات فنية عدة لملء وتشغيل سد النهضة تراعي مصالح الدول الثلاث في إطار الثوابت المصرية في هذا الشأن، بينما راعت مقترحات الوفد الإثيوبي مصالح أديس أبابا فقط دون مصر والسودان.
وشدد وزير الموارد المائية والري الدكتور هاني سويلم على أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، يراعي مصالح وشواغل الدول الثلاث. كما أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية أن الجولة القادمة من مفاوضات سد النهضة ستعقد في العاصمة أديس أبابا خلال النصف الثاني من شهر سبتمبر الجاري.