من الواضح أن النموذج الذي ساد في هذه المناطق خلال السنوات الماضية استنفد أغراضه، ولم يعد قادراً على الاستمرار، خصوصاً أن قوات قسد لم تستطع توسيع تجربتها بل حكمتها توجهات قومية قائمة على التمييز بين الشرائح الاجتماعية على أساس العرق. وهذا جعل الحاضنة الاجتماعية متململة من النموذج الذي امتلك كل ثروات سوريا، ولكنه أدى إلى إفقار وتهميش وتجهيل معظم السكان، والنصيحة الأمريكية لتحويل القوات الكردية إلى قوات وطنية يمكن أن تحظى بقبول من الشعب السوري جميعاً، لم يتعد حدود الاسم فقد بقيت ذات قيادات كردية والبعض منها غير سوري. الولايات المتحدة لا تريد أن تضع بيضها كله في سلة واحدة، وبالتالي توسيع هامش خياراتها في تلك المنطقة. ولكن الأهم هو محاولة قطع الطريق على الجهود الحثيثة التي تتم من أجل إقامة تفاهم بين النظام السوري وتركيا وروسيا، وقد وصلت هذه الجهود إلى مراحل متقدمة. إذا كان الخيار بالنسبة لتركيا هو بين نظام الأسد وقسد فإنها بالتأكيد سوف تختار نظام الأسد، لكن إذا وضعت واشنطن خياراً ثالثاً متمثلاً بتنظيمات محلية بعيداً عن قسد فربما يكون ذلك خياراً جيداً بالنسبة لأنقرة. في النهاية يبدو الوضع في الجزيرة السورية متسارعاً، وكل من واشنطن وأنقرة يبحثان عن ترتيبات تحافظ على الحد الأدنى من مصالحهما. أما الحل للأوضاع الكارثية في سوريا فهي في آخر اهتماماتهما.