وكانت الفرحة عارمة وتظهر بوضوح على وجوه المشاركين وصولاً للحظة تكريم أسرة الراحل وصعودها على المسرح، والتي تفاعل معها الجمهور بشكل مؤثر لا يمكن إخفاؤه. وعلى المستوى الشخصي تسببت ليلة التكريم هذه في استرجاع شريط طويل جداً من الذكريات مع الراحل الكبير. فليس بسر عن العلاقة القريبة التي جمعت جدي الراحل حسين شبكشي بالفنان طلال مداح، والتي وصلت إلى حد احتضانه ورعايته في بدايات انطلاقاته، وهذه المسألة شهد عليها قامات سعودية كبيرة، وتوجد شهاداتهم على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، من أمثال الإعلامي الكبير وعضو مجلس الشورى الأسبق الدكتور هاشم عبده هاشم، والإعلامي الكبير الراحل وعضو مجلس الشورى الأسبق الدكتور بدر كريم، والفنان الكبير عبادي الجوهر، ونجل الفنان الراحل الأكبر عبدالله طلال مداح.
كانت أول مشاهدتي لعلاقة جدي بهذا الفنان الاستثنائي المليء بالشغف والموهبة وعشق الطرب في «مقعد» جدي بمنزله بحي العمارية بمدينة جدة، والمقعد هو شبيه بالديوانية المعروفة في منطقة الخليج العربي. وكان يلتقي في هذا المقعد مختلف أطياف المجتمع من تجار وموظفين ومثقفين وفنانين وغيرهم، مما جعله ملتقى فكرياً ثرياً ومتنوعاً.
ولدت في هذا المقعد إحدى أشهر أغاني طلال مداح في بدايات مشواره، وهي أغنية «الليل ما يحلى إلا بجلاسه»، والتي تم تسجيل مقدمتها بصوت بدر كريم، والتي كانت كلماتها للشاعر الكبير أحمد قنديل ولقت نجاحاً كبيراً جداً.
وكان طلال فناناً شمولياً لحن لنفسه وغنى أغاني مصرية ولبنانية وغيرها. تألق بكلمات أعذب الشعراء من أمثال محمد العبدالله الفيصل، وبدر بن عبدالمحسن، وخالد الفيصل، وأحمد قنديل، وإبراهيم خفاجي، وثريا قابل، وصالح جلال، ولطفي زيني، وخالد زارع، وصدح بأجمل الأغاني الوطنية بداية من وطني الحبيب وصولاً إلى يا ناس الأخضر لا لعب. وتلا القرآن بصوته الندي وبمقامات دقيقة تضاهي كبار المقرئين، وكانت له مجموعة من المدائح والأذكار بمشاركة المقرئ المعروف عبدالوهاب الحضري.
ليلة تكريم طلال مداح تركت أثراً جميلاً عن فنان رائد وضع الأغنية السعودية على خارطة العالم العربي بامتياز، رحم الله طلال مداح رحمة واسعة وبقيت ذكراه الجميلة خالدة بيننا.