ومثلما تفاجأت واشنطن بأنباء تمرد فاغنر، فإنها تفاجأت بالتوصل إلى اتفاق لحل الأزمة بعد صفقة توسط فيها رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، تم بمقتضاها إسقاط الكرملين تهم «التمرد» ضد بريغوجين ومقاتليه، على أن يغادر إلى بيلاروسيا.
الأحداث بدأت خلال قضاء الرئيس جو بايدن إجازته الأسبوعية في منتجع كامب ديفيد في ولاية ميرلاند، ولم تعقد الإدارة اجتماع إدارة أزمة كما جرت العادة في مواجهة مثل هذه الأحداث الساخنة.
وبدا الأمر وكأن هناك تعليمات بأن تلتزم الجهات الرسمية في واشنطن وسفاراتها في العالم الصمت. وبحسب تعليق مراقب، فإن الإدارة الأمريكية أرادت أن لا تظهر وكأنها سعيدة لما يجري، أو أن تبدو داعمة لطرف على حساب الآخر.
لكن مصادر إعلامية كشفت أن الرئيس بايدن بحث الأزمة مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، والمستشار الألماني أولاف شولتز، فيما أعلن البيت الأبيض أنه يجري باستمرار إطلاع بايدن ونائبته كامالا هاريس على آخر التطورات في الساحة الروسية. وأفادت المصادر بأن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن تحدث إلى نظرائه في عدد من الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي.
وذكرت أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي ألغى رحلة كانت مقررة إلى إسرائيل والأردن أمس (السبت)، ما كشف عن القلق العسكري تجاه الأحداث في روسيا وعدم وضوح الصورة كاملة لدى للبيت الأبيض.
وطوال يوم أمس كان السؤال الأكثر إلحاحا في واشنطن يدور حول مصير الرئيس الروسي، وإذا ما كانت سيطرته على الأجهزة العسكرية الروسية، خصوصا القوات التي تشرف على الأسلحة النووية الروسية قد ضعفت، أو في طريقها إلى الانهيار. وهكذا بدا الموقف لواشنطن وكأن بوتين يواجه أكبر تحد سياسي في حياته. وخلصت التقييمات الأولية للاستخبارات الأمريكية إلى أنه لا يوجد أي تغيير أو تحرك يتعلق بالقوة النووية الروسية.
ويبدو أن واشنطن تنفست الصعداء بعد يوم عصيب لم تستوعب فيه ما جرى من تمرد وما أعقبه من وساطة انتهت بصفقة لإنهاء التمرد، إلا أنه رغم كل ذلك، تبقى الكثير من علامات الاستفهام التي لا تزال تبحث عن أجوبة شافية لها.