وقال أستاذ القانون الخاص القاضي السابق الدكتور يوسف غرم الله الغامدي: «جاءت الشريعة وبعدها الأنظمة المستمدة منها والقوانين وكان فاخرها وسيدها في القانون الخاص أو ما يشتهر بأنه قانون الأسرة، وهو قانون أو نظام الأحوال الشخصية الجديد، جاءت كلها لتخرج الناس من دوامة الفوضى والتعدي والجهل إلى التنظيم والبصيرة والعلم، لجلب المصالح ودفع المفاسد، لذلك أنزل الله الشريعة واستمد منها المسلمون أنظمتهم وقوانينهم، ليكون الفرد والمجتمع على بينة من أمور دينهم ودنياهم، ولا يجوز شرعاً ولا قانوناً أن يرد الناس إلى الجهالة والشكوك والحيرة والتردد والنزاع والاختلاف، فمثلاً في عقود الأنكحة نرى أنها عقود لازمة ويقينية موثقة، فينبغي أن لا تتأثر إلا بيقين، إعمالاً للقاعدة الفقهية القضائية الأم «اليقين لا يزول بالشك»، لذلك فإن الطلاق لا يقع إلا بإرادة جازمة مستمرة وصافية وماضية موثقة، فإن شابه شيء من الشك (كطلاق الغضبان) في الإرادة، فإنه لا يؤثر على يقين العقد، ولا يجوز اقتناص مثل هذه الهفوات وإيقاع الناس في الحيرة والشبهة والشك، والطلاق الذي يصدر من الزوج ويطرأ عليه الشك في إرادة حقيقته والاستمرار عليه (كالطلقة في حال الغضب) لا يكون معتبراً أبداً، ولا يقوى على التأثير على أصل عقد النكاح الثابت باليقين، ذلك أن الإرادة الجازمة التي لا يطرأ عليها الشك كالطلاق في الحال الشرعي ويسمى الطلاق على السنة هو المعتبر في احتساب عدد الطلقات، فالطلقة المعتبرة شرعاً هي الجازمة المستمرة والثابتة الناشئة على المنهج الشرعي بالبينة الشرعية كالإشهاد من قبل الزوج أو في المحكمة بالصك الشرعي والنظامي».
من جانبه، أوضح رئيس لجنة المحامين المتطوعين في اللجنة الوطنية لرعاية السجناء وأسرهم (تراحم) المحامي أشرف السراج، أن نظام الأحوال الشخصية الجديد أفرد فصلا كاملا للطلاق وأنواعه وظروفه ودلالاته، وقال: إن الطلاق هو حل عقد الزواج بإرادة الزوج باللفظ الدال عليه. وكشف أن اللفظ الدال على الطلاق نوعان، صريح، وهو لفظ الطلاق أو ما تصرف منه، وكناية، وهو اللفظ الذي يحتمل الطلاق وغيره إذا نوى به الزوج الطلاق. وأضاف، أن النظام بين أن كل طلاق اقترن بالعدد لفظاً أو إشارة أو تكرر في مجلس واحد لا يقع به إلا طلقة واحدة ولا يقع الطلاق في حالات عدة، منها طلاق غير العاقل أو غير المختار، أو طلاق من زال عقله اختياراً ولو بمُحَرَّم، أو طلاق من اشتد غضبه حتى حال بينه وبين تحكمه في ألفاظه أو إذا كانت الزوجة في حال حيض، أو نفاس، أو طهر جامعها زوجها فيه، وكان الزوج يعلم بحالها.
الطلاق المعلق.. ما هو ؟
وتابع المحامي السراج، أن الطلاق المعلق يقع على فعل شيء أو تركه، إلا إذا كان التعليق بنية الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، ولم يقترن بالتعليق قصد إيقاع الطلاق، ولا يقع الطلاق بالحنث بيمين الطلاق أو الحرام إلا إذا قصد به الطلاق.
وشدد على أن النظام أوجب على الزوج أن يوثق الطلاق أمام الجهة المختصة وذلك خلال مدة أقصاها 15 يوماً من حين البينونة، ولا يخل ذلك بحق الزوجة في إقامة دعوى إثبات الطلاق، وفي حال لم يوثق الزوج الطلاق على النحو الوارد في نظام الأحوال، ولم تعلم المرأة بطلاقه لها، فلها الحق بتعويض بما لا يقل عن الحد الأدنى لمقدار النفقة من تاريخ وقوع الطلاق إلى تاريخ علمها به وتصح المراجعة باللفظ الصريح، نطقاً أو كتابةً، وعند العجز عنهما فبالإشارة المفهومة ويعد الجماع في العدة مراجعة.
متى توثق المراجعة ؟
المحامي والمأذون والموثق العدلي صالح مسفر الغامدي، قال، إن الطلاق نوعان، طلاق رجعي لا ينهي عقد الزواج إلا بانقضاء العدة، وطلاق بائن ينهي عقد الزواج حين وقوعه، وينقسم إلى قسمين: الطلاق البائن بينونة صغرى، لا تحل المطلقة بعده لمطلقها إلا بعقد ومهر جديدين مع احتساب الطلقات السابقة، والقسم الثاني الطلاق البائن بينونة كبرى، ولا تحل المطلقة بعده لمطلقها إلا بعد انقضاء عدتها من زوج آخر دخل بها في زواج صحيح من غير قصد الزوج التحليل. وأضاف: «يجب على الزوج في الطلاق الرجعي توثيق المراجعة، وفقاً للإجراءات المنظمة لذلك خلال مدة أقصاها (خمسة عشر) يوماً من تاريخ المراجعة إذا كان وثق الطلاق. وإذا لم يوثق الزوج المراجعة على النحو الوارد في نظام الأحوال الشخصية ولم تعلم بها المرأة، ثم تزوجت بآخر فلا تصح المراجعة ولها المطالبة بالنفقة عن المدة السابقة».
وقالت المحامية منال الحارثي: إن الطلاق يقع بالنطق أو بالكتابة، وعند العجز عنهما فبالإشارة المفهومة، ويصح توكيل الزوج غيره – ذكراً كان أو أنثى – بالتطليق، ولا يقبل الطعن في صحة الطلاق في الحالات الواردة في نظام الأحوال الشخصية متى وثّق وفقاً للإجراءات النظامية.