«عكاظ»، تستعرض تأثير الذكاء الاصطناعي على المحتوى، وتستند إلى آراء الخبراء وإحصاءات ودراسات تعكس الحالة، حيث تستخدم منصات فيسبوك، إنستغرام، وإكس خوارزميات قائمة على الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المستخدمين وتفضيلاتهم. ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة هارفارد بعنوان «تأثير الذكاء الاصطناعي على محتوى وسائل التواصل الاجتماعي»، فإن 70% من المستخدمين يقضون وقتاً أطول على المنصات التي تستخدم تقنيات الذكاء لتخصيص المحتوى.
التعصب للأفكار وقلة الحوار
على الرغم من الفوائد، تبرز المخاطر. ووفقاً لدراسة من جامعة ستانفورد، بعنوان «فقاعة الفلترة: تأثير خوارزميات الذكاء الاصطناعي على المعلومات»، فإن 80% من المستخدمين يعانون من تأثير «فقاعة الفلترة»، حيث يتم حصرهم في محتوى يؤكد آراءهم ويمنعهم من التعرض لوجهات نظر متنوعة.
ويقول خبير علم النفس الاجتماعي الاستشاري المتخصص عبدالله البقعاوي: إن هذه الظاهرة قد تؤدي إلى تعزيز الانقسام الاجتماعي، إذ يزداد التعصب للأفكار ويقل الحوار البناء بين الأفراد.
ويضيف، أن التقنيات المستخدمة في تخصيص المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل خوارزميات الذكاء الاصطناعي، تميل إلى تقديم محتوى يتناسب مع اهتمامات وآراء المستخدمين الحالية. هذا الأمر، على الرغم من أنه قد يبدو مريحاً في البداية، إلا أنه يؤدي إلى إنشاء بيئات افتراضية مغلقة، حيث يتعرض الأفراد فقط لأفكار وآراء تتوافق مع معتقداتهم.
ويشرح البقعاوي: «عندما يعتاد الأفراد على رؤية محتوى يؤكد وجهات نظرهم، فإنهم يصبحون أقل استعداداً للتفاعل مع الآراء المختلفة. هذا التعزيز المستمر لمعتقداتهم يمكن أن يؤدي إلى عدم التسامح مع الآراء المخالفة، مما تنتج عنه انقسامات اجتماعية أكبر».
القدرة على الاستماع
يشير البقعاوي، إلى أن هذا الوضع يؤثر على الحوار الاجتماعي بشكل عام، إذ يصبح النقاش حول القضايا المهمة أقل شمولية. في المجتمع، يتطلب التفاهم والتواصل الفعال القدرة على الاستماع إلى وجهات نظر متنوعة، ولكن عندما يتم حصر الأفراد في فقاعات معلوماتية تقل فرص الحوار البنّاء.
ويتابع البقعاوي، أن هذه الظاهرة تؤثر على الشباب بشكل خاص، الذين يعدّون أكثر عرضة للتأثر بالمحتوى المعروض عليهم، إذا نشأوا في بيئات افتراضية تعزز التعصب والافتقار للتنوع فإن ذلك قد يجردهم من القدرة على التفكير النقدي والتفاعل مع الآخرين بشكل صحي.
ويؤكد البقعاوي، على أهمية الوعي النقدي لدى المستخدمين، إذ يجب أن يسعى الأفراد لتوسيع آفاقهم من خلال استكشاف وجهات نظر مختلفة. «إذا لم نتخذ خطوات واعية للخروج من فقاعاتنا فإننا نعرض أنفسنا لخطر فقدان التنوع الفكري والثقافي الذي يعد ضرورياً لأي مجتمع صحي».
محتوى مؤيد فقط
يؤثر المحتوى المخصص على سلوك المستخدمين، إذ أظهرت دراسة أجرتها جامعة كولومبيا بعنوان «تأثير المحتوى الاجتماعي على آراء المستخدمين» أن 60% من المستخدمين الذين تعرضوا لمحتوى مؤيد لوجهة نظر معينة كانوا أكثر عرضة لتبني تلك الآراء. ويؤكد المتخصص في علم الاجتماع الحاسوبي بجامعة واشنطن الدكتور جيفن وست، في بحث متخصص اطلعت «عكاظ»، على تفاصيله، أن الذكاء الاصطناعي لا يحدد فقط ما نراه، بل يلعب دوراً في تشكيل معتقداتنا، وعلينا أن نكون واعين لذلك ونتحدى أنفسنا للخروج من فقاعاتنا.
ويشير الدكتور وست، إلى أن تأثير الذكاء الاصطناعي يتجاوز مجرد تخصيص المحتوى ليشمل تشكيل الآراء والمعتقدات بشكل أعمق، فالتقنيات التي تستخدمها منصات مثل فيسبوك وإنستغرام تعتمد على خوارزميات معقدة تهدف إلى زيادة التفاعل من خلال تقديم محتوى يتناسب مع اهتمامات المستخدمين السابقة. لكن هذا التخصيص، كما يوضح، قد يؤدي إلى إنشاء بيئات افتراضية تفتقر إلى التنوع الفكري.
ويقول: «عندما نقوم بمراجعة محتوى وسائل التواصل الاجتماعي نجد أن الخوارزميات لا تعرض لنا فقط ما نحب، بل تدفعنا أيضاً إلى تعزيز معتقدات معينة. هذه العملية تتسبب في ترسيخ الآراء الموجودة بالفعل، مما يجعل من الصعب علينا استكشاف وجهات نظر جديدة».
أجيال العالم الرقمي
يضيف الدكتور وست، أن هذا التأثير له عواقب اجتماعية كبيرة. إذا تم حصر الأفراد في فقاعات معلوماتية فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تآكل الحوار الاجتماعي. يصبح النقاش حول القضايا المهمة محدوداً، ويقل التفاعل بين الأفراد من خلفيات وأيديولوجيات مختلفة.
وفي سياق تأثير الظاهرة على الشباب، يشير الدكتور وست، إلى أن الأجيال الجديدة، التي نشأت في عالم رقمي، تكون أكثر عرضة للتأثر بالمحتوى المخصص. الشباب اليوم يتعرضون لمحتوى يحدد لهم ما يجب أن يفكروا به، وأي آراء يجب أن يتبنوها. هذه الديناميكية تعني أنهم قد يفقدون القدرة على التفكير النقدي واستكشاف أفكار جديدة.
علاوة على ذلك، يؤكد الدكتور وست، على أهمية الوعي الذاتي. «يجب على الأفراد أن يكونوا واعين لكيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على تجاربهم الرقمية. من المهم أن نتحدى أنفسنا للخروج من فقاعاتنا، وأن نبحث عن مصادر معلومات متنوعة». ويشدد على أنه من خلال الانفتاح على الآراء المختلفة يمكننا تعزيز التفكير النقدي ونمو الحوار الصحي.
ويؤكد الدكتور وست، أن دور الذكاء الاصطناعي في تشكيل معتقداتنا هو موضوع يتطلب دراسة ووعياً عميقين. «إذا لم نتخذ خطوات واعية للخروج من فقاعاتنا، سنستمر في تعزيز الانقسام الاجتماعي ونفقد القدرة على التواصل الفعال».
محتويات ضارة ومضللة
المتخصصة في القانون هيا السليمان تقول: إن التقنيات الحديثة، خصوصا الذكاء الاصطناعي، تطرح تحديات جديدة تتعلق بالقانون والنظام، مما يتطلب منا إعادة التفكير في كيفية تنظيم المحتوى الذي يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتشير إلى أن الذكاء الاصطناعي، يلعب دوراً متزايداً في تحديد نوعية المحتوى الذي يتم عرضه للمستخدمين، وهذا قد يؤدي إلى مشكلات قانونية وأخلاقية، فعندما يتم تخصيص المحتوى بناءً على خوارزميات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يظهر محتوى ضار أو مضلل، مما يثير تساؤلات حول مسؤولية المنصات عن هذا المحتوى.
وتؤكد هيا السليمان، على أهمية وجود إطار قانوني ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي. ويجب أن نضع قواعد واضحة تحدد المسؤوليات القانونية للمنصات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمحتوى الذي يمكن أن يؤثر على سلوكيات وآراء المستخدمين. عدم وجود مثل هذه القوانين قد يؤدي إلى تفشي المعلومات المضللة وزيادة الانقسام الاجتماعي.
وتضيف: «هناك حاجة ملحة لتوعية المستخدمين حول كيفية عمل هذه الخوارزميات، وكيف يمكن أن تؤثر على آرائهم وسلوكياتهم. يجب أن يكون الأفراد قادرين على فهم كيف يتم تخصيص المحتوى، وأن تكون لديهم الأدوات اللازمة للتعامل مع المعلومات».
دقة في تخصيص المحتوى
يقول أستاذ علوم الحاسوب في جامعة حائل الدكتور مشاري سعود العازمي: «الذكاء الاصطناعي يسمح بتخصيص المحتوى بشكل دقيق، ما يزيد من تفاعل المستخدمين، لكن هذه الخوارزميات يمكن أن تؤدي أيضًا إلى تشكيل فقاعات معلوماتية، إذ يتعرض المستخدمون لمحتوى يؤكد آراءهم السابقة فقط. ويشير العازمي إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في تخصيص المحتوى يعد من أبرز التطورات التكنولوجية التي شهدناها في السنوات الأخيرة. فالخوارزميات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي قادرة على تحليل سلوكيات المستخدمين، مثل المحتوى الذي يتفاعلون معه، والمواضيع التي يهتمون بها، مما يتيح للمنصات تقديم محتوى يتناسب مع اهتماماتهم الفردية، وهذا النوع من التخصيص يمكن أن يزيد من تفاعل المستخدمين ويعزز تجربتهم على المنصات. ومع ذلك، يحذر العازمي من المخاطر المرتبطة بهذا النوع من التخصيص. «عندما يتم حصر المستخدمين في محتوى يعزز معتقداتهم وأفكارهم السابقة، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى ما يعرف بفقاعات الفلترة، وفي هذه الفقاعات يصبح الأفراد غير قادرين على التعرض لوجهات نظر متنوعة، مما يؤدي إلى تعزيز التعصب الفكري وتقليل الحوار البناء».
استعداد لتحدي المعتقدات
العازمي يؤكد أن هذه الظاهرة قد تؤثر على المجتمع بشكل عام، إذا استمر الأفراد في تلقي معلومات تتفق مع آرائهم فقط فإنهم يصبحون أقل استعدادًا لتحدي معتقداتهم أو التفكير النقدي. هذا يمكن أن يعزز الانقسام الاجتماعي ويزيد من الاستقطاب بين الجماعات المختلفة. ويشير أيضًا إلى أهمية الوعي لدى المستخدمين. ويجب أن يكون لدى الأفراد فهم لكيفية عمل الخوارزميات وأثرها على تجاربهم الرقمية من خلال الوعي، ويمكنهم اتخاذ خطوات لتوسيع آفاقهم، مثل متابعة مصادر متعددة للأخبار والمعلومات، والانفتاح على آراء جديدة.
ويؤكد العازمي على أهمية دور المنصات في مواجهة هذه التحديات. ويجب على الشركات التي تدير وسائل التواصل الاجتماعي أن تتحمل مسؤوليتها في تقديم محتوى متنوع. ويمكن أن تشمل الحلول المقترحة تحسين خوارزميات التخصيص لتكون أقل تقييدًا، وكذلك تعزيز المحتوى الذي يعرض وجهات نظر متعددة.
تجارب حية للمستخدمين
من الفوائد البارزة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي تحسين تجربة المستخدم، وتشير إحصاءات إلى أن 65% من المستخدمين يشعرون بأن المحتوى المخصص يجعل تجربتهم أكثر ملاءمة وإفادة في دراسة بعنوان «تأثير تخصيص المحتوى على تجربة المستخدم»، ووجد الباحثون أن المستخدمين الذين يتلقون محتوى مخصصًا يميلون إلى أن يكونوا أكثر رضا عن تجاربهم على المنصات الاجتماعية.
ويشير حمدان الشمري (٣٩ عامًا)، مستخدم لتطبيق إنستغرام، إلى أنه يجد المحتوى المخصص مفيدًا: «أحب أن أرى محتوى يتناسب مع اهتماماتي، مثل الموضة والسفر، لكنني أحيانًا أشعر أنني محاط بالآراء نفسها»، أما شهيل السبر (55 عامًا) فيشارك تجربته مع إكس: «لاحظت أنني أتابع أشخاصا وآراء تتفق مع معتقداتي، أحيانًا أبحث عن معلومات جديدة، لكن المحتوى المخصص يجعلني أعود للأفكار نفسها مرارًا وتكرارًا. وهنا أتساءل عن مدى تأثير ذلك على آرائي».
التعصب للأفكار وقلة الحوار
على الرغم من الفوائد، تبرز المخاطر. ووفقًا لدراسة من جامعة ستانفورد بعنوان «فقاعة الفلترة: تأثير خوارزميات الذكاء الاصطناعي على المعلومات»، فإن 80% من المستخدمين يعانون من تأثير «فقاعة الفلترة»، حيث يتم حصرهم في محتوى يؤكد آراءهم ويمنعهم من التعرض لوجهات نظر متنوعة.
ويقول خبير علم النفس الاجتماعي الاستشاري المتخصص عبدالله البقعاوي إن هذه الظاهرة قد تؤدي إلى تعزيز الانقسام الاجتماعي، إذ يزداد التعصب للأفكار ويقل الحوار البناء بين الأفراد. ويضيف أن التقنيات المستخدمة في تخصيص المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل خوارزميات الذكاء الاصطناعي، تميل إلى تقديم محتوى يتناسب مع اهتمامات وآراء المستخدمين الحالية. هذا الأمر، على الرغم من أنه قد يبدو مريحًا في البداية، إلا أنه يؤدي إلى إنشاء بيئات افتراضية مغلقة، حيث يتعرض الأفراد فقط لأفكار وآراء تتوافق مع معتقداتهم.
ويشرح البقعاوي: «عندما يعتاد الأفراد على رؤية محتوى يؤكد وجهات نظرهم، فإنهم يصبحون أقل استعدادًا للتفاعل مع الآراء المختلفة. هذا التعزيز المستمر لمعتقداتهم يمكن أن يؤدي إلى عدم التسامح مع الآراء المخالفة، مما تنتج عنه انقسامات اجتماعية أكبر».
رأس المال وبناء القدرات
يقول المستشار الاقتصادي السابق في الصندوق السعودي للتنمية رئيس المركز العربي الأفريقي للاستثمار في مجلس الغرف السعودية عيد العيد: إن تأثير الذكاء الاصطناعي على تخصيص المحتوى يمثل تحولاً جذرياً في كيفية التعامل مع المعلومات، وله تأثيرات عميقة على الاقتصاد والاستثمار.
ويؤكد العيد أن الذكاء الاصطناعي يوفر للمنصات القدرة على تحليل بيانات المستخدمين بشكل دقيق، مما يسمح بتقديم محتوى مخصص يتناسب مع احتياجاتهم وتفضيلاتهم. وهذا النوع من التخصيص لا يعزز فقط تجربة المستخدم، بل يشجع أيضاً على زيادة الاستهلاك والتفاعل، مما يفتح آفاقاً جديدة للإيرادات بالنسبة للشركات.
ويشير العيد إلى أن التخصيص يمكن أن يساهم في تحقيق أهداف اقتصادية أكبر، مثل تحسين فعالية الحملات الإعلانية وزيادة العائد على الاستثمار. عندما يتمكن المعلنون من استهداف الجمهور بدقة أكبر، فإن ذلك يؤدي إلى تحسين نتائج الحملات وزيادة الإيرادات. وهذا يجعل الذكاء الاصطناعي أداة قيمة في استراتيجيات التسويق الحديثة.
ومع ذلك، يحذر العيد من المخاطر المحتملة. فبينما يحمل الذكاء الاصطناعي فوائد كبيرة، يجب أن نكون حذرين من التأثيرات السلبية المحتملة مثل تعزيز الانقسام الاجتماعي والتعصب الفكري، وهذه العوامل يمكن أن تؤثر على الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.
ويشدد العيد على أهمية وضع استراتيجيات استثمارية تعزز الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي. ويجب أن تتبنى الشركات سياسات واضحة لضمان الشفافية والمساءلة في كيفية استخدام البيانات، ومن الضروري أن نعمل على تطوير إطار تنظيمي يدعم الابتكار ويضمن في الوقت نفسه حماية المجتمع.
ويشير العيد إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة استثمارية كبيرة، ولكنه يتطلب من المستثمرين وصناع القرار أن يكونوا واعين للتحديات المرتبطة به، وإذا تم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، فإنه يمكن أن يسهم في بناء اقتصاد مستدام يعزز الابتكار ويزيد من تأثيرات التنمية الإيجابية على المجتمع.
وكشفت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، أن المملكة تسعى لتكون من الدول الرائدة عالمياً في قطاع البيانات والذكاء الاصطناعي، ويعد دعم وتطوير الكفاءات الوطنية أحد أهم ممكنات هذا التوجه. ويترجم هذا التوجه من خلال قيادة (سدايا) العديد من المبادرات والبرامج والأنشطة لتنمية رأس المال البشري وبناء القدرات وتوفير الإمكانات وتعزيز استدامة الكفاءات الوطنية وربطها بمهن المستقبل لإيجاد بيئة خصبة للمواهب الوطنية القادرة على وضع المملكة في صفوف الدول المتقدمة في الذكاء الاصطناعي.
وانطلاقاً من دورها الوطني كجهة مرجعية في البيانات والذكاء الاصطناعي وسعيها لتنظيم القطاع، أصدرت (سدايا) الإطار الوطني للمعايير المهنية للبيانات والذكاء الاصطناعي ليكون مرجعاً أساسياً للمهتمين بالقطاع سواءً من الممارسين أو صناع القرار في الجهات المختلفة، وذلك لتوحيد وتحسين الممارسات المهنية والتطبيقات المتعلقة بتنمية القدرات البشرية.
تقليل التنوع في الآراء
تأثير الذكاء الاصطناعي على وسائل التواصل الاجتماعي موضوع معقد يجمع بين الفوائد والمخاطر، فبينما يمكن أن يحسن تجربة المستخدم من خلال تخصيص المحتوى، فإن له أيضاً القدرة على تعزيز الانقسام الاجتماعي، وتقليل التنوع في الآراء. ومن المهم أن يبقى المستخدمون واعين لتلك الديناميكيات، وأن يسعوا لتوسيع آفاقهم من خلال استكشاف وجهات نظر متنوعة.
وأوضح المستشار الاقتصادي عيد العيد، أن مستقبل المملكة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي يتضمن العديد من الأرقام والتوقعات التي تعكس النمو والتطور في هذا المجال. ومن المتوقع أن تستثمر المملكة نحو 20 مليار دولار في مشاريع الذكاء الاصطناعي بحلول 2030م، ويمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة تصل إلى 14% بحلول 2030م. ويُتوقع أن يخلق الذكاء الاصطناعي نحو 1.5 مليون فرصة عمل جديدة في مختلف القطاعات بحلول 2030م، وتستهدف المملكة زيادة عدد برامج التعليم والتدريب في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي بنسبة 50% بحلول 2025م، ويمكن أن يؤدي تطبيق الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحكومية والخاصة إلى تحسين الكفاءة بنسبة تصل إلى 30%، كما يُتوقع أن يزداد عدد الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي في المملكة بنسبة 40% خلال السنوات الخمس المقبلة.
آليات الإبلاغ عن المحتوى الضار
المستشار القانوني مقرن حمد الشويمان، يؤكد أن سلوكيات الخوارزميات المستخدمة في وسائل التواصل الاجتماعي تمثل تحديًا قانونيًا يتطلب وضع استراتيجيات فعالة للحد من تأثيراتها السلبية على المجتمع، فالخوارزميات، رغم فوائدها في تخصيص المحتوى، يمكن أن تؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها مثل تعزيز المعلومات المضللة، وتفشي خطاب الكراهية، وتكوين فقاعات معلوماتية. وهذه الظواهر يمكن أن تسبب انقسامًا اجتماعيًا وتعزز التعصب، مما يتطلب تدخلًا قانونيًا مناسبًا.
ويشدد الشويمان، على أهمية وضع إطار قانوني واضح ينظم استخدام الخوارزميات. ويجب أن تكون هناك قوانين تحدد مسؤولية الشركات عن المحتوى الذي يتم تداوله عبر منصاتها ويجب أن تكون الشركات ملزمة بتوفير آليات فعالة للإبلاغ عن المحتوى الضار ومعالجته بسرعة. عدم وجود مثل هذه الإجراءات يمكن أن يؤدي إلى تفشي السلوكيات السلبية دون رادع.
ويرى الشويمان، أن هناك حاجة إلى تعزيز الشفافية في كيفية عمل الخوارزميات. ويجب على المنصات أن تقدم معلومات واضحة للمستخدمين حول كيفية تخصيص المحتوى، وكيفية تأثير هذه الخوارزميات على تجاربهم. الشفافية تعتبر عنصرًا أساسيًا في بناء الثقة بين المستخدمين والمنصات.
كما تبرز أهمية التعليم والتوعية القانونية، وأن تكون هناك برامج توعية للمستخدمين حول حقوقهم وكيفية التعامل مع المحتوى الذي يتعرضون له. إذا كان الأفراد على دراية بكيفية عمل الخوارزميات، سيكونون أكثر قدرة على اتخاذ قرارات واعية بشأن المحتوى الذي يتلقونه.
ويشدد الشويمان، على ضرورة التعاون بين الحكومات، والشركات التكنولوجية، والمجتمع المدني، لتقليل المخاطر المرتبطة بسلوكيات الخوارزميات، «يجب أن نعمل معًا لوضع قوانين وتنظيمات فعالة، تضمن استخدام التكنولوجيا بطريقة تعزز الحوار البناء وتقلل من التعصب والانقسام».