كان الدكتور مالهوترا محقاً في إشارته إلى تزايد الوفيات بمرض القلب في أتون اندلاع نازلة كورونا. فقد ذكرت «مؤسسة القلب البريطانية» أن هناك نحو 30 ألف وفاة إضافية بمرض القلب منذ اندلاع نازلة الوباء العالمي، بمعدل 230 وفاة إضافية غير متوقعة أسبوعياً، بل أكثر من ألف وفاة إضافية بمرض القلب خلال بعض الأسابيع في 2022. بيد أن البحث عن سبب لتلك الوفيات سيقود إلى عدد كبير من العوامل، من دون حاجة إلى توجيه اصبع الاتهام إلى لقاحات كوفيد-19. فمن المعروف أن الإصابة بكوفيد تزيد مخاطر الإصابة بالسكتة المداغية والنوبات القلبية. كما أن الفوضى التي اجتاحت الخدمة الصحية الوطنية بسبب الوباء العالمي لها دور. فمن المعلوم في بريطانيا أن مريض النوبة القلبية يتعين نقله بسيارة إسعاف إلى المستشفى خلال 18 دقيقة من إصابته. في حين أن الضغوط التي دهمت الخدمة الصحية جعلت تلك الفترة ترتفع إلى ما لا يقل عن 48 دقيقة. وتفاقمت تلك المشكلات من جراء قرارات الإغلاق، وإلزام السكان بمزاولة أشغالهم من منازلهم. وهو ما أدى إلى تدهور أساليب الحياة، من خلال زيادة تناول المشروبات الروحية، في وقت تشهد بريطانيا أصلاً مستويات غير مسبوقة من حالات البدانة والإصابة بأمراض القلب.
ويرى مالهوترا أن تلك العوامل المذكورة لها دور. لكنه يتمسك بأن لقاح كوفيد-19 له دور هو الآخر. ويشير إلى أن بيانات التجربة السريرية للقاح شركة فايزر تؤكد حدوث 4 إصابات بنوبات قلبية للمتطوعين الذين أعطوا اللقاح، مقارنة بالمتطوعين الذين منحوا لقاحاً وهمياً.
مقالة علمية «معيبة» و«انطباعية»!
عزز الدكتور عاصم مالهوترا ادعاءاته بالإشارة إلى مقال كتبه استشاري القلب الأمريكي الدكتور ستيفن غوندراي، ونشرته مجلة «سيركيوليشن»، ذكر فيه أن مؤشرات الالتهاب ارتفعت بشدة لدى مرضاه بعد حصولهم على لقاح كوفيد-19، بحيث إن معدل خطر إصابتهم بأول نوبة قلبية خلال خمس سنوات ارتفع من 11% إلى 25%. وقال مالهوترا: لو أني دخنت 40 سيجارة يومياً، وأكلت الوجبات السريعة، وتعاطيت الكحول فلن أصل إلى أي شيء قريب إلى تلك النسبة. ووجهت دراسة الدكتور غوندراي بانتقادات علمية شديدة، اضطر بسببها إلى تعديل المقال، ليقول بوضوح إن المؤشرات الحيوية التي تحدث عنها هي مجرد ملاحظات، لأنه لم تكن لديه مجموعة متطوعين للدراسة، ولأن أرقامه لم تشمل أي أشخاص لم يتم تطعيمهم بلقاحات كوفيد-19؛ ولأن مقاله لم يتضمن أي إحصاءات مقارنة. وأشار خبراء إلى أن معاناة بعض الأشخاص من مشكلات في القلب بعد خضوعهم للتطعيم بلقاحي فايزر وموديرنا صحيحة. بيد أن وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية البريطانية، التي طلبت من الأطباء إبلاغها بأي مضاعفات ناجمة عن التطعيم، لم تتلقَ منذ فسح اللقاحين المذكورين في 2020 حتى 23 نوفمبر 2022 سوى 851 بلاغاً عن إصابة أشخاص بالتهاب عضلة القلب بعد خضوعهم للقاح فايزر. علاوة على 579 بلاغاً عن إصابة أشخاص بالتهاب خارج غشاء القلب بعد خضوعهم للتطعيم بلقاح فايزر. ومعظم تلك الحالات كانت معتدلة، تعافى المصابون بها خلال فترة وجيزة؛ على رغم وقوع سبع وفيات بين أولئك الأشخاص. وفي مقابل ذلك تم الإبلاغ عن 241 إصابة بالتهاب عضلة القلب وست وفيات لأشخاص خضعوا للتطعيم بلقاح أسترازينيكا-أكسفورد. أما بالنسبة إلى لقاح موديرنا فتم الإبلاغ عن 251 إصابة بالتهاب العضلة القلبية، ووفاتيْن. ومع أن تلك الأرقام تبدو كبيرة؛ إلا أنها لا تساوي شيئاً إذا قورنت بعدد من خضعوا للقاحات كوفيد-19 في بريطانيا. فقد ذكر خلال الخريف الماضي أنه تم إعطاء 53 مليون جرعة أولى من اللقاحات في بريطانيا، وأكثر من 90 مليون جرعة تنشيطية، يمثل لقاح فايزر 57% منها، ولقاح أسترازينيكا 29% منها، وموديرنا 14% منها. ويعني ذلك أنه على رغم أن المخاطر موجودة، إلا أنها ضئيلة جداً على أرض الواقع. فبالنسبة إلى لقاح موديرنا كانت هناك 14 شكوى من كل مليون نسمة خضعوا لهذا اللقاح. وتتدنى النسبة إلى 10 شكاوى من كل مليون نسمة حصلوا على لقاح فايزر، و5 شكاوى من كل مليون شخص حصلوا على لقاح أسترازينيكا. ويتمسك الخبراء الصحيون بأن بريطانيا تتوقع نحو 60 إصابة بالتهاب العضلة القلبية من بين كل مليون نسمة سنوياً، و100 حالة إصابة بالتهاب غشاء القلب (التامور) كل عام. ويذكر أن وكالة الأدوية التابعة للاتحاد الأوروبي كانت أعلنت الأسبوع الماضي أنها لم تر دليلاً على أن لقاح كوفيد-19 يتسبب في سكتات دماغية، أو نوبات قلبية.