الحلفان (الناتو وارسوا) تاريخياً كان لهما دور كبير في الحرب الباردة بين قطبي العالم (أمريكا والاتحاد السوفيتي) في زمن تلك الفترة، والآن يتضخم حلف الناتو بانضمام أعداد كبيرة معظمها دول أوروبية، واحتفظت أمريكا بدور القائد في تحريك هذه الأعداد الضخمة لمحاربة روسيا.
فلماذا يتدخل حلف الناتو في الحرب؟ فقد أنشئ للدفاع عن أعضائه، وأوكرانيا ليست عضواً في الحلف، وتدخل الحلف في الحرب يعتبر تدخلاً ليس له قاعدة قانونية إلا إذا اعتبر تدخله قائماً على مطالبة أوكرانيا لمساعدتها وهو الباب الذي يجيز للحلف التدخل خوفاً على دوله إن كانت هناك نوايا روسية توسعية.
والحرب القائمة تكاد تكون حرباً عالمية -حتى لو لم تسم بذلك- فقد جمعت أمريكا كل دول الناتو لإسقاط روسيا، وكأنها تستعيد ذاكرة الهدف القديم من إنشاء حلف الناتو لإسقاط الاتحاد السوفيتي.
وتدخل الناتو بقيادة أمريكا يضرب أمل تعددية الأقطاب إذا خسرت روسيا هذه الحرب.
فالصورة ثابتة على اجتماع عشرات الدول لمحاربة دولة واحدة، فهل تتحرك روسيا لإعادة حلف وارسوا بأي تشكل كان، سواء بالمتبقي من الأعضاء القدماء الثابتين في مناصرتهم لها، أو استمالة الدول ذات التطلعات في أن يكون الفضاء السياسي متعدد الأقطاب (كالصين والهند وكوريا الشمالية وبقية الدول التي ملت هيمنة القطب الواحد).
مضى زمن على الحرب الروسية الأوكرانية وفي كل يوم يزداد ضغط وتدخل حلفاء دول الناتو لتغير مسار نتيجة الحرب.
وهل يكون التدخل الأخير بتزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية من قبل أمريكا هو المجال الواسع لأن تجرّب روسيا أسلحة جديدة حديثة كما فعلت في الحرب العالمية الثانية بإظهار سلاح (الكولنشوف) ولكن هذه المرة بصيغة جديدة ومدمرة، أو تكون الحرب مجالاً مناسباً لكل الدول المتحاربة لتجريب أسلحة جديدة فتاكة.
ولو فرضنا أن روسيا سوف تحارب وحيدة أمام كل هذه الدول، أليس هذا أدعى لها أن تخرج عن تحفظها في استخدام السلاح النووي؟
فمحاصرة القط في زاوية ضيقة يمكّنه من القفز بعشوائية كي (يخمش) من يحاصره.
واستخدام السلاح النووي، سوف يرد عليه بنفس السلاح، وهذا هو الدمار الذي لا يبقى قطباً واحداً ولا عدة أقطاب.
الغريب -وليس غريباً في الواقع- أن أمريكا تدفع بحلف الناتو مجتمعاً لتحقيق غرضها في أن تبقى الشرطي الوحيد في العالم مستخدمة الذراع المحروق (أوكرانيا) فقط من أجل إبقائها في منصة الزعيم، ويؤكد ذلك الدفع عدم ظهور أي بادرة تدخل سياسي للمفاوضات فعلية وليست كلامية أو شكلية، فمازال حلف الناتو يدفع بالذراع المحروق (أوكرانيا) لمواصلة حرب مميتة المنتصر فيها يكون قد دمر بلاداً وعباداً.