شارك ألبرت تشينوا أتشيبي في دورة تدريبية في مجال إنتاج الراديو في مدرسة (BBC) للتدريب، وكانت معه مسودة أولية عن روايته الأولى، وعرضها على المذيع والروائي والناقد البريطاني (غيلبرت فيليبس)؛ الذي كان مدرباً في الدورة.
يتحدث فيليبس عن تلك اللحظة ويقول إنه كان يعمل مع طاقم التدريب حين كان آتشيبي هناك، وإنه ذُهل بمستوى الكتابة حين قرأ المسودة الأولى للرواية، ونصحه على الفور بتقسيمها إلى عدة روايات، ثم قدمه إلى دار نشر بريطانية.
في البداية لم تجد تلك الرواية الاهتمام المطلوب من دار النشر لكن دونالد مكراي، أستاذ علم الاجتماع في كلية لندن ومستشار الدار التعليمي، قرأ الرواية بعد أن عاد لتوه من غرب أفريقيا، وقال إنها أفضل ما قرأه بعد الحرب.
تمت ترجمة الرواية إلى أكثر من 50 لغة إحداها بالطبع العربية التي حظيت بترجمتين إحداهما حملت عنوان (أشياء تتداعى) والأخرى حملت عنوان (عالم يتهاوى).
عادت إلى ذاكرتي هذه الرواية المذهلة بعد أن قدمت سؤالاً للناقد المعروف الدكتور معجب العدواني عن علاقة إنسان المكان ومعتقدات وتكوين المجتمع وإمكانية قراءته بشكل أكثر دقة، وأن هناك مجتمعات لا تسمح بقراءتها بشكل جيد، تبع ذلك نقاش مع الناقدة المعروفة الدكتورة ميساء الخواجا التي لامست ما أردت الوصول إليه وهو أن القراءة المقصودة في سؤالي ليست تتبع أخطاء ومشاكل المجتمع ولا حتى تصوير حالته من خلال الرواية، ولكن المقصود هو قراءة ذلك التغير الذي تتعرض له المجتمعات نتيجة حدث معين، وضربت الدكتورة ميساء مثلاً بظهور النفط وما تبعه من تغيرات في المجتمع السعودي لكن الرواية لم ترصد ذلك التغيير كما يجب، وهذا ما جعلني أنظر إلى ما كتبه أتشيبي على أنه أنموذج مميز لما كنت أبحث عنه في الرواية السعودية.
أعود إلى رواية (عالم يتهاوى) وهذا العنوان الذي أميل لاستخدامه لأن ما يحدث ليس تلاشي لأشياء بل هو حقاً تداعٍ لعالم بأكمله وبكل ما كان يحمل من خصوصية.
الرواية هي جزء أول من ثلاثية أدبية تلاها الجزء الثاني بعنوان (لم يعد هناك إحساس بالراحة) والثالث بعنوان (سهم الله).
تحدث أتشيبي في (عالم يتهاوى) عن العادات والتقاليد في مجتمع قبيلة الإيبو الأفريقية ونظامهم القانوني في العقاب والترفية وطقوسهم المختلفة والزواج والانفصال، وكل ذلك لا بعين المستعمر الذي يرويها بشكل دوني بل بطريقة ابن البلد ونظرته إلى تلك الأمور.
الاستعمار والتبشير المسيحي كان محوراً مهماً في تشكيل أحداث الرواية.
قال في وقت لاحق إن أصحاب السلطة الذين يحتفظون بها لأنفسهم، يملكون امتياز ترتيب القصص عن الآخرين كما يروق لهم. لذلك سعى في كتاباته إلى استعادة القارة الأفريقية منهم ومن أدبهم لأنهم صوروها على أنها أرض بربرية خالية من أي فن أو ثقافة.
ذلك الشعور بالرغبة في قراءة تغيرات مجتمعه والمؤثرات الخارجية هو ما ساعده في تقديم أحد أهم الأعمال الروائية على الإطلاق، ليس فقط على صعيد الرواية الأفريقية بل العالمية أيضاً.
رواية (عالم يتهاوى) للكاتب النيجيري تشنوا أتشيبي تستحق أن تكون في مكتبة كل محب للقراءة وكل مهتم بالرواية.