القانون شرَّع للحفاظ على المجتمع، لكن بعض الباحثين عن الشهرة ينساقون خلف أهوائهم ويقعون تحت طائلة نظام الجرائم المعلوماتية ومخالفة النظام العام، وذلك بالنقل والنسخ والمشاركة و«التشيير»، ما يعرضهم إلى عقوبات شرعت لضبط النظام وحفظ القيم الدينية والآداب العامة وحرمة الحياة الخاصة.
وفي منطقة تبوك، تداول رواد التواصل فيديو لشخص يضرب امرأة ويعتدي عليها في إحدى الحدائق العامة، وأظهر الفيديو محاولة المرأة حماية نفسها من هجوم الرجل عليها وضربها بعنف ووحشية، ما أثار الغضب في أوساط المجتمع؛ الذي طالب بإيقاف نشر المقطع ومنع الإضرار بالمجتمع، وتم ضبط من قام بالتصوير والنشر لمخالفته نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
وفي منطقة الباحة، تم القبض على مواطن لصدمه شخصاً واعتدائه على آخر، وجرى إيقافه واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه وإحالته إلى النيابة العامة، وجرى القبض على من نشر المحتوى. كما أعلنت شرطة الرياض، القبض على شخص وثّق ونشر محتوىً مرئياً ادعى فيه تعرض طفلة للاختطاف.
لا تنشر ولا تتورط
حذَّر المحامي المستشار القانوني ماجد الأحمري من التصوير والنشر لأي حدث أو جريمة، التي قد تصبح جريمة معلوماتية بحق من قام بذلك، وبنص نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية: «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كلُّ شخص يرتكب أيًا من الجرائم المعلوماتية الآتية: المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا، أو ما في حكمها، التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة». وشدد المحامي الأحمري، على أن نشر المقاطع والرسائل يعرض صاحبها لطائلة القانون، فإعادة الإرسال للإساءة أو التشهير أو المساس بالحياة الخاصة لا تعفي من المسؤولية القانونية، فقد أوضح النظام عقوبة كل جريمة سواء من استخدم الجوال في تصوير الأشخاص والمساس بحياتهم الخاصة أو حتى لإيصال شكوى معينة أو قصور تمت مشاهدته أو جريمة وقعت، فهناك وسائل معروفة لإيصال الشكوى أو البلاغ دون تشهير، ومن أبرزها تطبيق «كلنا أمن»، ويمكنك إرفاق فيديو أو صور، لإثبات جريمة، وبذلك تكون معفىً تمامًا من أي مساءلة قانونية، فالتشهير ممنوع وهو جريمة يعاقب عليها القانون حتى لو كان لغرض التحذير والتنبيه، فالتشهير لا يكون إلا بحكم قضائي ينص نصاً على التشهير، وله إجراءات محددة وطرق وضعها النظام وليس عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ويقول الأحمري: إن البعض يتوقع أن قيامه باستخدام معرفات وهمية أو مؤقتة أو مستعارة ينجيه من العقاب والمساءلة القانونية وهو توقع خاطئ، فالجهات المختصة لديها القدرة على الوصول لكل مسيء ومجرم حتى لو ألغى حسابه أو قام بحذف المنشور المسيء.
الجهل بالقانون لن ينجيك
المحامي المستشار القانوني عبيد العيافي يرى أن التبرير بالجهل بالأنظمة لا يعفي من المسؤولية القانونية، فمن يقوم بنشر أي محتوى مرئي يتحمل مسؤوليته بشكل كامل، فنشر فيديو التقطته كاميرا مراقبة لشخص ارتكب عملاً مخالفاً بهدف نشره والتشهير بمرتكبه، هو فعل مخالف لنظام الجرائم المعلوماتية وفيه تشهير، فهناك حق عام وآخر خاص للمتضرر لما لحق به من تشويه سمعة وضرر، وعقابها السجن والغرامة ومصادرة الجهاز المستخدم أو إغلاق المنصة المستخدمة في الجريمة.
ويحذر العيافي من بعض الممارسات التي يستهين بها الكثير من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي؛ ومنها إعادة النشر على منصات وشبكات التواصل الاجتماعي، فتلك الممارسة تعرض صاحبها للمساءلة كشريك جنائي مع ناشر المقطع الأساسي، فالجهل بالعقوبة لا يعفي من المسؤولية الاجتماعية والقانونية، مؤكداً أن الجهات المختصة قادرة على الإمساك بأي شخص متخفٍّ وراء شاشة الحاسوب أو الهاتف حتى لو ارتكب ذلك باسم وهمي أو حساب مستعار.
وشدد العيافي، على أن النشر في منصات التواصل الاجتماعي يكون وفق ضوابط قانونية عدة؛ أبرزها عدم التعدي على خصوصيات الآخرين بنشر معلومات شخصية عن حياتهم حتى لو كانت هذه المعلومات صحيحة فإن ناشرها يقع تحت طائلة المساءلة؛ وفقاً لقانون مكافحة الجرائم المعلوماتية. وبين أن نشر المقاطع والرسائل أو إعادتها يضع صاحبها تحت طائلة القانون، فإعادة الإرسال للإساءة أو التشهير أو المساس بالحياة الخاصة لا تعفي من المسؤولية القانونية.
«النيابة» تحذر من السجن والغرامة
حذَّرت النيابة العامة من إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه، عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي، مبينة أن مرتكب ذلك يعاقَب بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات، وبغرامة مالية تصل إلى ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتَيْن.
ونبهت النيابة من أيِّ ممارسات أو سلوكيات تنطوي على إساءة استعمال الهواتف الذكية وفيها انتهاك خصوصيات أماكن العمل بتصوير الآخرين أو التشهير أو إلحاق الضرر بهم، أو بتجاوز الآداب العامة، أو نشر أيٍّ من ذلك باستخدام وسائل تقنيات المعلومات المختلفة.
وأوضحت النيابة أنَّ كل شخص يقوم بارتكاب جريمة المساس بالحياة الخاصة عن طريق استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا أو ما في حكمها أو التشهير بالآخرين أو إلحاق الأذى بهم فإنه سيعاقب بالسجن لمدة تصل إلى سنة وغرامة مالية تصل إلى نصف مليون ريال. وبينت أن انتهاك خصوصية الأشخاص أثناء التصوير في الأماكن العامة يعرض للمساءلة القانونية، وعند تصويرك لجريمة قم بتقديم المحتوى للجهات الأمنية، ولا تنشره بوسائل التواصل، حتى لا تعالج الجريمة بجريمة.
وشددت النيابة، على أن نشر محتوى معلوماتي مسيء للأشخاص يضع صاحبه تحت طائلة المساءلة الجنائية.