تشهد باريس حاليًا جهودًا دبلوماسية مكثفة تهدف إلى إيجاد حلول عملية لـنزع سلاح حزب الله في لبنان، وذلك في ظل تصاعد التوترات الحدودية مع إسرائيل وتزايد المخاوف من اندلاع صراع أوسع. تأتي هذه المساعي المشتركة بين السعودية وأمريكا وفرنسا في وقت حرج، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية اللبنانية وتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.
أفادت وكالة رويترز أن مسؤولين من الدول الثلاث يجتمعون اليوم مع قائد الجيش اللبناني، رودولف هيكل، في باريس لمناقشة خارطة طريق مفصلة تهدف إلى تفعيل آلية لنزع سلاح الحزب. وتهدف هذه الخطة إلى خلق بيئة مواتية لتحديد ودعم آليات عملية لنزع السلاح والتحقق منها، بهدف احتواء التصعيد ومنع انهيار وقف إطلاق النار الهش.
خارطة الطريق المقترحة لـ نزع سلاح حزب الله
وفقًا لمصادر دبلوماسية، تركز خارطة الطريق المقترحة على تعزيز آلية وقف إطلاق النار القائمة من خلال إدخال خبراء عسكريين من فرنسا والولايات المتحدة، وربما دول أخرى، للعمل جنبًا إلى جنب مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. يعزى هذا التوجه إلى الاعتراف بالقيود التي تواجه الجيش اللبناني في تنفيذ عملية نزع السلاح بمفرده.
التحديات السياسية والداخلية
ومع ذلك، تواجه هذه الجهود تحديات كبيرة. يشير دبلوماسيون إلى أن اقتراب الانتخابات التشريعية في عام 2026 يثير مخاوف من أن الشلل السياسي قد يعيق التقدم في عملية نزع السلاح. كما أن الرئيس اللبناني ميشال عون يتردد في الضغط بقوة على حزب الله خوفًا من إثارة حفيظة الطائفة الشيعية وتصعيد التوتر في الجنوب.
بالإضافة إلى ذلك، يرى مسؤولون كبار أن الوضع الحالي في لبنان مضطرب للغاية ومليء بالتناقضات، وأن أي خطوة خاطئة قد تؤدي إلى تصعيد سريع. ويخشى الرئيس عون من أن جعل عملية نزع السلاح علنية أكثر من اللازم قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
التصعيد الإسرائيلي والردود اللبنانية
تأتي هذه الجهود الدبلوماسية في ظل تصاعد التوترات الميدانية. فقد شن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات على بلدات في جنوب لبنان ومناطق في سهل البقاع، مستهدفًا مواقع يُزعم أنها تابعة لحزب الله. وادعى الجيش الإسرائيلي أنه استهدف مجمعات عسكرية تستخدم للتدريب وتخزين الأسلحة وإطلاق قذائف المدفعية.
في المقابل، لم يصدر رد فعل رسمي فوري من جانب حزب الله على هذه الغارات. ومع ذلك، تذكر التقارير أن الحزب قد كثف من أنشطته الاستخباراتية والعسكرية على طول الحدود الجنوبية.
خطة الجيش اللبناني ورفض حزب الله
يذكر أن الحكومة اللبنانية قد أقرت في سبتمبر الماضي خطة للجيش تهدف إلى حصر السلاح في يد الدولة. لكن هذه الخطة لاقت رفضًا قاطعًا من حزب الله، الذي اعتبرها تنفيذًا لتوجيهات إسرائيل والولايات المتحدة. ويعتبر هذا الرفض مؤشرًا على مدى صعوبة تحقيق أي تقدم في عملية نزع السلاح في ظل الوضع الحالي.
تعتبر قضية السلاح غير الشرعي في لبنان من القضايا الشائكة والمعقدة، وهي مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتوازنات الطائفية والسياسية في البلاد. كما أنها مرتبطة بالصراع الإقليمي الأوسع بين إسرائيل وحزب الله.
من المتوقع أن تستمر المشاورات الدبلوماسية في باريس خلال الأيام القادمة. وسيكون من المهم مراقبة ردود فعل الأطراف المعنية، وخاصة حزب الله، على خارطة الطريق المقترحة. كما سيكون من المهم مراقبة التطورات الميدانية على طول الحدود الجنوبية، حيث يمكن أن يؤدي أي تصعيد إلى تقويض الجهود الدبلوماسية.
في الختام، يبقى مستقبل عملية نزع سلاح حزب الله غير واضح. يتوقف تحقيق أي تقدم على قدرة الأطراف المعنية على التغلب على التحديات السياسية والميدانية، وإيجاد حلول عملية ومقبولة للجميع. وستظل هذه القضية على رأس جدول الأعمال الإقليمي والدولي في الفترة القادمة.