وعلى الرغم من الحواجز والشبوك الحديدية التي وضعت لتحدد معالم السوق من جهاته الأربع، إلا أن الحواجز لم تفِ بالغرض من إظهار السوق ومكانته التاريخية والتجارية المهمة في تلك الحقبة من التاريخ في مكة المكرمة.
ويقصد عدد من أهالي وسكان الراشدية، خصوصاً الشباب، الموقع للتنزه خلال ليالي شهر رمضان، وقضاء أوقات الفراغ خصوصاً في ظل اعتدال أجواء الطقس خلال ساعات الليل مع مطالب باستثمار الموقع ليكون ملتقى رمضانياً تقام فيه العديد من الفعاليات الملائمة لموقع ومكانة السوق التاريخية والأدبية والثقافية.
وأوضح الباحث بالتاريخ المكي ومعالم السيرة النبوية الدكتور سمير أحمد برقه، أن سوق ذي المجاز أحد أسواق العرب الثلاثة في منطقة مكة المكرمة؛ فالسوق الأول (سوق عكاظ) بالطائف ويبدأ نشاطه من بداية شهر ذي القعدة إلى العشرين منه، ثم السوق الثاني (المجنة) المعروفة اليوم بالجموم، ويبدأ نشاطه من العشرين من ذي القعدة حتى نهايته، والسوق الثالث (ذي المجاز) في المغمس قرب عرفة من بداية ذي الحجة حتى يوم التروية، مشيراً إلى أن موقع السوق اليوم يعد موقعاً إستراتيجياً بإطلالته على مكة من جهة جبل كبكب المعروف بديار هذيل.
وأضاف: زاره سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرتين، ومعه عمه أبو طالب يدعو القبائل إلى دين الله الإسلام وينادي بأعلى صوته «أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، اشهدوا أنه لا معبود بحق إلا الله وأفردوا بالعبادة»، وذلك قبل الإذن بهجرته -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، مشيراً إلى أن ما ورد في سوق ذي المجاز وبئره أن جيش أبرهه توقف عند ماء ذي المجاز وأن جيش هوازن ورده قبل غزوة حنين.
ولفت برقه إلى أن السوق كان مشهوراً بعرض المنتجات من الحبوب والتمور والجلود والمنسوجات والأسلحة والسيوف والطيب والمسك وغيرها. ولقربه من عرفة، فقد كان العرب يتركون متاعهم عنده ويحجون ثم يعودون بعد قضاء تفثهم، مشيراً إلى أن الجميع يأملون سرعة الاهتمام بالسوق وجعله سوقاً مفتوحاً لتبادل السلع والمنافع واللقاءات الأدبية والثقافية؛ نظراً لموقعه الإستراتيجي وقدم تاريخه.