تشبُّ في نفسي حماسة شعرية
دعوني أرسم لكم صورتي
في الماضي كنت حالما
أُحلِّق عبر الأثير
وأحب أن أهرب لسويسرا
لكنّ صانع قدري ضربني بعصاه
ضربات قوية
فسقطت من الأثير
ووجدتني هنا خلف مكتب.
هذه الأبيات لشاعر روسي كان الروائي دستويفسكي يترنم بها في ذكرياته الشتوية، تصف شاعراً بجسد موظف عمومي.
تصف القصيدة بؤس الجلوس خلف المكتب طوال النهار لأغلب أيام الأسبوع كما تقضي أغلب الوظائف الرسمية حول العالم، ويتعلم الموظف التقليدي ذلك منذ كان طالباً في المدرسة.
إنهم يعلموننا في المدارس كيف نستطيع احتمال الجلوس على المقاعد خلف المكاتب وكيف نسمع الأوامر ونطيعها. إلى جانب طبعاً أنهم يمنعوننا من التفكير الحر خارج المناهج والكتب.
المدارس حقّاً هي أشبه ما تكون بالثكنات العسكرية الصغيرة، يخرج منها الطالب وهو على استعداد لخوض غمار الوظيفة المكتبية والجلوس ساعات طوال.
في أوروبا كثير من الأسر لا ترسل أطفالها للجلوس خلف المكتب وعلى مقاعد الدراسة الخشبية محملين بحقائب ثقيلة الأوزان على ظهورهم ووجبات إفطار باردة. الكثير من الأوروبيين في العقد الأخير وقبل كورونا لا يرسلون أولادهم للمدارس لأنهم يدركون أنها تقتل الإبداع وتبرمج الأطفال وتصبهم في قالب فكري وشخصي واحد، إن التعليم المنزلي Homeschooling في أوروبا تعليم نظامي ومعترف به في كثير من الدول هناك.
حيث يقوم الوالدان بدور المعلم في السيارة أو حول وجبة طعام ساخنة أو داخل السيارة وهم متجهون لرحلة ما، أو في الملعب.
إن الكثير من أعمارنا تهدر في صرامة المدارس حيث الإلزام الشديد في ظل غياب الالتزام الحقيقي وفرض ما يكره الطالب عليه وتعليم الموهوبين في الموسيقى والأدب مثلاً دروساً في الرياضيات والأحياء، حتى إن فشلوا في تعلمها اتهموا بالغباء. هذا إلى جانب طرق التدريس الخاطئة، ومعلومات المناهج القديمة أو المغلوطة.
علم طلابك/ أطفالك كيفية التعلم حتى لا تضطر إلى «تعليمهم» كل شيء. الفكرة هي تعليمهم التعلم، ثم تزويدهم بالمعلومات التي سيكتسبونها بأنفسهم لكن عن طريق توجيهاتك.
المعرفة قوة وإذا عرفوا كيف يتعلمون ما يرغبون في معرفته، فلن يوقفهم شيء.
لكن من المهم جدّاً أن توّفر حماية لأجهزتهم المتصلة بالإنترنت عبر تطبيقات الرقابة الأبوية.