•• وهناك على مقربة من حافة العالم خونة كمياه صدئة لم يعد لهم أمل في الحياة.. هؤلاء لا علاقة لهم بالحياة الطيبة، فمناظرهم تبعث على الأسى.. أولئك الذين يتطبَّعون بطبائع الطيور أشعلوا النار في غلاف الوطن، وقسَّموا الناس إلى مذاهب وملل وطوائف.. فلا أضيق صدراً ممن فقد توازنه المعنوي وخان وطناً، ولا أشد قساوة من غدَّار غادِر غدُور يعْمُر وجدانه الغدر.
•• من أراد أن يحتفي ببريق ينتظره كل صباح؛ فليمر ببوابة الوطن الواسعة ويلقي وراءه كل شيء.. ومن أراد أن يتظلل بغيمة باردة من قسوة الزمان؛ فليبقَ في حالة ظمأ لوطن مستقر وسط عالم متعاظم بكل شيء رديء.. ومن أراد العِزَّة فليتلحَّف بلحاف وطن يحتضنه ويُعزُّه.. ومن أراد أن يصل لمرحلة العطاء؛ فليستنشق رائحة عبق الوطن الذي لا يشبهه أي عطر.
•• لا رائحة نَضِرة أزكى من روح طيبة يحملها أمينٌ بارٌ بوطنه.. ولا شيء جميلاً في الحياة إلا وطن يكتسي الضياء يكاد سَنَا برقه يلمع كحبّات ألماس.. ولا تمتُّع بمنحة الله من السكينة والهدوء إلا لمن نضج على حرارة محبة وطن يمنحه قدراً كبيراً من التوازن.. وطنٌ نتنفس فيه حكايات أمكنة وأزمنة، يغمرنا كالأطفال بحنان كثيف فيعطينا طاقة روحية لا تهتز.