الرياض دائماً تستثمر أدواتها في الجوانب الإنسانية، ومما لا شك فيه أن القيادة السعودية في كافة الظروف تضع شعبها في الأولوية في جميع الجوانب، وفي المقابل لا تدخر جهداً ولا تتردد في أي عمل إنساني مع أي فرد أو دولة بصرف النظر عن الدين والمذهب والعرق واللون، وبالطبع هذه المبادئ تنطلق من منطلق عروبي أصيل وديني إسلامي حنيف يدعوها للسلام في كل الظروف قولاً وفعلاً وهذا ما يميزها دولياً.
عملية الإجلاء السعودي الأكبر في التاريخ لرعاياها وللعديد من رعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان في هذه الظروف الحرجة وبالشكل الذي تابعناه خلال الأيام الماضية، هو عمل ليس بالسهل والجهود المبذولة جبارة خصوصاً في التنسيق الدبلوماسي وكذلك الأمني والجاهزية العالية، وهذا ما عجزت عنه دول كبرى والذي دعاها بأن تتقدم بطلب للمملكة لإجلاء رعاياها، ومن اللافت اتفاق عدد من الدبلوماسيين الدوليين في حساباتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، وكذلك مختلف وسائل الإعلام الدولية تحدثوا وتناقلوا عمليات الإجلاء السعودية بانبهار وبإشادة كبيرة، لما قامت به الجهود السعودية التي لم تقتصر على عمليات الإجلاء فحسب، بل بتسخير كافة الإمكانيات للرعايا الذين ينتمون لأكثر من 65 دولة وتقديم جميع الخدمات لهم وعلى رأسها الخدمات الصحية والغذائية في ظل أن هناك دولا أوروبية كبرى كبريطانيا اعتذرت عن إجلاء أي فرد من السودان باستثناء من يحمل الجواز البريطاني.
أعتقد أن هذه العملية تعد نجاحاً تاريخياً للدبلوماسية السعودية في استثمار علاقاتها الجيدة مع كلا طرفي النزاع وحرصهما على تقدير مواقف السعودية الداعمة دائماً للسودان وشعبها وخصوصاً في الفترة مابعد 2019م بعد عزل البشير، وبالإضافة إلى تقديرهم لموقفها الإنساني الكبير في الأزمة والخالي من أجندة والذي جاء إنفاذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين ومتابعة من سمو ولي العهد وبإشراف مباشر من سمو وزير الدفاع رئيس اللجنة العليا لعمليات الإجلاء من الأراضي السودانية.