•• من يمر بحالة فقدان لحبيب ويتجاوز صراخه عمق الخناجر؛ ستأتيه أحزان لا حصر لها.. ومن لديه إسهال مفرط في الأنين والانتحاب والإعْوال من دنيا أثقلته بآلامها وأوجاعها؛ ستحضره نشوة ابتئاس تحمل له الأذى النفسي.. فالذي يشعر بالفقد أمامه أمران؛ إما أن يدوِّن أحداثه المؤلمة على ظهر الحياة فتعجن لوعاته المتدفقة بآلامٍ دائمة، أو أنه يزين حياته بالنسيان فينحني له الظل.
•• بين ارتداد الحنين وحضور الذكرى؛ تشع الذاكرة لتعطر وجداننا.. فإذا استحضرنا لحظات الألم والخيبة على الدوام؛ سنقضي على حياتنا بضربات الزمن المتلاحقة تفقدنا الأفق والبوصلة، وستبقى مشاهد العذاب في ذاكرتنا وأجسادنا.. أما إن جعلنا الزمن عابراً نقضي فيه تفاصيل حياتنا بسُبُل متباينة بين الفرح والترح؛ فستكون دنيانا شبيهة بالومض، يمضي فيها الزمان سريعاً، لنتذوق منه الحاضر ونتضوع الماضي بحلوهما ومرهما.
•• هؤلاء ممن تخلو صباحاتهم ومساءاتهم من ذِكر الخالق سبحانه؛ تنتزع البركة من أعمارهم وحياتهم وأوقاتهم، فتصيبهم الآلام والهموم.. هؤلاء يقذفهم القدر خارج الزمن حين يعيشون بلا وِرد يومي من الذِكر، لا يدركون أنه يزيح عنهم هموم الدنيا وأحزان الحياة.. هؤلاء عقولهم طارت من رؤوسهم حين يتجاهلون تحصين أنفسهم بذِكر الله في الغدو والآصال، وبذلك لا يحسنون التصرف في المواقف العصيبة.