حين يلتزم الإنسان بالوفاء إزاء الآخرين وفي كل المواقف، فإنه بالموازاة يستخدم قيَمه الإنسانية الأخرى، فيكون لها أثراً جميلاً لا بد أن يوثق صلاته بالآخرين، ليصبح تحقيق الذات رهيناً بالقدرة الإنسانية الجيدة والصحيحة في التعاطي والتعايش.
وكثيراً ما يشعر الإنسان الوفي بأن صميم وجوده مبني على استمرارية اتصافه بهذه القيمة الإنسانية، دون أن يخلو الأمر من جهد إرادي في أن تكون العلاقات الإنسانية مع الآخرين متبادلة ومتوازنة بنفس القيمة والتي هي الوفاء. فالإنسان الوفي لا بد أن يشعر بغبطة روحية وبهجة نفسية عند التعامل مع الآخرين، لهذا غالباً لا يعتبر عطاءه بذلاً مرهقاً وجهداً شاقاً تضيق به نفسه.
وبالوفاء قد ينتقل الفرد إلى الشعور بأنه في عالم إنساني صرف، يكون فيه إنساناً حقاً بوجوده مع الآخرين، خصوصاً إذا كان الوفاء متبادلاً بينهم، حيث يعم الشعور بحرارة الحياة المشتركة الدافئة، لأن الوفاء ينتزع من الناس الشعور بالوحدة الباردة.
إن الجميل في الاتصاف بالوفاء، هو التنازل عن كل إشباع نرجسي، ثم إن ما ينشده الوفاء لدى الآخر هو الوفاء للذات، أي أنه على الرغم من أن الإنسان يوفي للآخر فهو في الأصل يوفي لنفسه، وهو ما يخلع على حياته معنى صادقاً ويضفي على تفاصيلها قيمة.
أما النشوة الحقيقية التي تنطوي عليها صفة الوفاء، هي شعور الإنسان الوفي بأنه محبوب ومرغوب لدى الجميع، إلى جانب شعوره باستحقاق التقدير والامتنان.