وكشفت راجح طبيعة العلاقة الرابطة بين الفكاهة وأدب الهامش، موضحة بالتقصي خصوصية العلاقة الوثيقة، ونوع العلاقة بين المركز والهامش، التي عدّتها علاقة تنافر وصراع، «تمرد» الباعث الرئيس له في الغالب، الجانب الاقتصادي؛ لذلك جاء التمرد من أجل الحصول على الحقوق المسلوبة على الأقل من وجهة نظر الفئة المتمردة، موضحةً أن تمرد الصعاليك من أوائل النماذج التي تتبادر إلى الذهن، وتراه تمرداً على البناء القبلي إلا أنه يتسم بعزة النفس، ويخالف بقية أنواع التمرد السلمي التي ظهرت عند بقية النماذج الإنسانية الأخرى، مثل الطفيليين، والمكدين، والشطار، والعيار، وغيرهم، مشيرة إلى أن فكرة التهميش قديمة جداً، بدليل أن أفكار القمع والقهر والاستغلال التي طالما تحدثت عنها البشرية تُشير ضمناً إلى فكرة التهميش. وذهبت إلى أن ثنائية المركز والهامش مثيرة للجدل الواسع بين النقاد، إذ لا وجود لهامش دون مركز يهمشه.
واستعرضت نماذج من أدب الهامش، تضمنت إبراز قدرة المهمشين على نقل تمردهم من مجرد ظاهرة اجتماعية إلى ظاهرة أدبية لها مكانتها في التراث، بواسطة تفعيلهم لدور الأدب الجمالي والوظيفي. وفيما يخص آلية عملية النقل، كون لكل فئة تمردت وسائلها وطرقها وأهدافها التي تنفرد بها، وتكشف من خلالها عما تريد الحصول عليه من مال أو طعام أو إثبات وجود، وبالتالي يظهر صوت تمردها. ولفتت إلى أن موقف المركز أو بقية أفراد المجتمع من أدب الهامش كان متبايناً بين القبول والرفض، أما الرفض فيعود إلى طبيعة نظرتهم إلى سلوك التمرد الذي يعد تعدياً على حقوق الآخرين، وتمرداً على الأعراف السائدة. فيما كان هناك قبول في بعض حالاته يعد مشروطاً، إذ هناك ثيمة وظيفة إمتاعية على المهمش تأديتها متمثلة في الفكاهة التي تمتّع سامعيها، أو القبول من خلال كرم المعطي أو المتفضل على المهمش.
وأكدت أن النّص الأهم هو الإنسان الذي تكمن فيه المعاني المرتبطة بحقائق الوجود، وسيظل مداراً للأدب، فنجده ماثلا ببدئه ونهايته، وبعقله وعواطفه، وأيضاً بارتفاعه وسقوطه، ووفقاً لذلك شكّل كل نموذج من نماذج أدب الهامش خلفية معرفية لدى المتلقي، وهي خلفية مماثلة لواقع أصحابها في مختلف جوانب حياتهم.