ويأتي الاجتماع الثاني لوزراء الدفاع بالدول الأعضاء بالتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي عقد في الرياض يوم السبت، تجسيداً للضرورة الملحة لمناقشة سبل تعزيز محاربة الإرهاب، وتعميق الجهود عبر شراكات استراتيجية تسهم في دحض هذه الظاهرة التي تهدد المجتمعات !
ومما يدعو إلى التفاؤل أن الدول المجتمعة لم تكتفِ بإطلاق المبادرات الرامية إلى محاربة الإرهاب في مجالاته المختلفة، وإنما اتفقوا كذلك على إنشاء صندوق تمويل مبادرات التحالف، والمخصص لاستقبال المساهمات المالية من الدول الأعضاء والدول الداعمة والهيئات والمنظمات الدولية، سعياً لتفعيل هذه المبادرات ودخولها حيز التنفيذ في أسرع وقت !
وطالما أدت المملكة دوراً قيادياً في محاربة الإرهاب وما زالت، وأثبتت للعالم مرة تلو الأخرى التزامها الكامل باستئصال جذور الإرهاب، واستعدادها التام للعمل الجماعي لتحقيق هذا الهدف العالمي المشترك، وهو ما تأكد مجدداً خلال الاجتماع، حيث أعلن سمو وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، عن قيام المملكة العربية السعودية بتقديم دعم بقيمة 100 مليون ريال، لصندوق مبادرات التحالف الذي تم إطلاقه، لمساعدته على تحقيق جهوده في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف !
ومن المخرجات الإيجابية التي انتهى إليها الاجتماع كذلك تأكيد الدول الأعضاء على أهمية وجود موقف موحد للدول الأعضاء في إدانة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وذلك في إطار توافق الرؤى وتضافر الجهود للوصول إلى تحقيق الأهداف المشتركة !
وعودة إلى موضوع مكافحة الإرهاب، من اللافت أنه رغم التقدم الذي تحقق في مكافحة الإرهاب خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن هناك تغيرات استجدت في نمط الإرهاب، وظهرت مفاهيم جديدة تهدد استقرار المجتمعات ومنها ما يعرف بـ«إرهاب ما بعد التنظيمات». مما يوجب الاستمرار في جهود مكافحة الإرهاب وتطهير العالم من أذياله !
ولا يخفى على أحد أن التحالف العالمي لمكافحة الإرهاب قد حقق تقدماً ملحوظاً في السنوات الأخيرة في ملف مكافحة الإرهاب، وشهدنا تفكيك تنظيمات الرعب الرئيسية مثل داعش وأخواتها، كما انهارت وتراجعت منظومتها في كثير من بلدان العالم، وهو ما يعكس الجهود الحثيثة والتنسيق الفعال الذي تبذله دول التحالف في التصدي للإرهاب، ولكن علينا أن ندرك الخطر الكامن في انتقال ثقل الجماعات الجهادية إلى أفريقيا جنوب الصحراء، ومحاولاتها الحثيثة لإعادة بناء نفسها وتجنيد الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الرقمية الآخذة في التطور، ما يعني أن الخطر ما زال قائماً وعليه لا يجب أن تتوقف جهود مكافحة الإرهاب بكل السبل الممكنة لاستئصال جذور التطرف وهو ما يتطلب وقتاً طويلاً وعملاً متواصلاً، على مختلف الأصعدة لاسيما على المستوى الفكري والإعلامي حتى نقضي تماماً على آفة الإرهاب المهددة لمجتمعاتنا !