أن تقوم تركيا بتطبيع علاقاتها مع دول الجوار فهذا بحد ذاته أمر إيجابي، لكن في إدارتها للملف السوري بدا أنها تضرب خبط عشواء، لا توجد استراتيجية واضحة تحرك السياسة الخارجية التركية اتجاه هذا الملف، وبدا أن الهدف تحقيق انتصار ولو كان شكلياً دون إدراك بأن الوضع أكثر تعقيداً في دولة أصبحت مرتعاً للقوات الأجنبية (الأمريكية والروسية والإيرانية والتركية)، وبالتالي تغيير قواعد اللعبة والانقلاب على اتفاقات آستانة التي شاركت تركيا نفسها في صياغتها أمر مستبعد على الأقل في الأمد المنظور، وإذا كانت السياسة فن الممكن فإن الأوضاع السورية من غير الممكن أن تتغير قريباً، بل إن واشنطن قطعت الطريق على أي تطبيع مع النظام عندما أصدرت (قانون الكبتاغون) وحولت منظومة القيادة السورية إلى مجرد عصابة ملاحقة دولياً وأي طرف يتعامل معها سوف يعاني من عقوبات تأتي استكمالاً للعقوبات القائمة سابقاً وفق قانون (قيصر) والأيام القادمة ستكون حبلى بالكثير من التطورات لمحاربة تهريب المخدرات ومزيد من التعاون الدولي في هذا المجال.
المشكلة في تركيا هي تجيير أي قضية مهما بدت معقدة لصالح مكاسب انتخابية يأمل الرئيس أردوغان الحصول عليها في انتخابات الرئاسية التي ستقام في الصيف المقبل، حتى لو كان هذا التجيير يأتي على حساب إحراج صانع القرار التركي ويستهين بما يفترض أنه مصالح تركيا العليا. هذه المقامرة لم تكن الأولى ولا نعتقد أنها ستكون الأخيرة بالنظر إلى النهج العام للسياسة التركية.