على مدى ثلاثة عقود من العمل الصحفي لم أرَ محتوى ساخراً وصل ذروته مثل ما نشاهده اليوم في المجال الرياضي، بل أكثر من ذلك حالة التفنن في إعداده، وإنتاجه بوسائط متعددة، وإخراجه بطريقة تجعل منه مادة ليست للاستهلاك وإنما للتحليل، والتمعن، والتعجب أحياناً في وصول البعض إلى هذه الأفكار؛ بغض النظر عن مستوى تقديمها، وتقييمها، وإنتاجها، ولكنها تركت أثراً.. سلباً أو إيجاباً.. قبولاً أو رفضاً، حيث لا يزال مستوى التنافسية عالياً بين الكثيرين، والهامش أكبر في حصد المزيد من المتابعين، واستثمار الفرص نحو تعزيز المحتوى الساخر بهوية ملونة، ومثقلة بالغمز واللمز من قريب أو من بعيد.
أهم محركات المحتوى الساخر في الرياضة السعودية اليوم هو التعصّب، والانحياز التام للألوان، ويراه البعض ملحاً للرياضة، وتنفيساً منطقياً عن الذات، ولا يستثنى من ذلك جمهور في الشرق أو الغرب من هذا العالم، ولكن الأخطر أن يتحول هذا المحتوى الساخر إلى قضايا رأي عام، ودعاوى في المحاكم أو لجان النظر في المخالفات الإعلامية، وتتحول الابتسامة التي يصنعها البعض للآخرين إلى شكوى ضده، ويدخل معها في ترافع وإثبات وعقوبات كان في غنى عنها.
ما نريد الوصول إليه وتأكيده هو أن المحتوى الساخر في رياضتنا زاد من حجم التعصّب بشكل مخيف، وأصبح الوعي على المحك؛ فالقضية ليست محتوى ينشر وينتهي الموضوع، ولكنه محتوى قد يكون سبباً في ملاحقات قانونية متعبة على البعض، فضلاً أن يكون هذا المحتوى أصلاً يكشف مستوى التفكير وحالة النضج للآخرين، كذلك، وهذا أمر مهم، أن صناعة المحتوى الساخر كفن راسخ بتقاليده المهنية لا يعني مطلقاً الإساءة والتجريح، أو الخروج عن النص، ولكنه سيبقى أسلوباً في الكتابة لا يجيده الكثيرون، وهذا هو التحدي الذي يراه البعض سهلاً ليقع في المحظور القانوني بسهولة.