مفاجأة واشنطن الكبرى التي ألقيت أمام السوداني، تمثلت في إقدام الرئيس بايدن على نسف الاجتماعات الفنية الأمريكية – العراقية؛ التي كانت تبحث في إنهاء ملف قوات التحالف الدولي في العراق؛ وفي مقدمها القوات الأمريكية، إذ فاجأ بايدن السوداني بتغيير جدول أعمال اللقاء الذي اقتصر على أمرين هما: زيادة عدد وعديد القوات الأمريكية في العراق، والتركيز على الملف الاقتصادي بين البلدين.
مباحثات بايدن – السوداني خالفت كل التصريحات العراقية التي سبقت الزيارة، ونسفت آمال الفصائل التي توقعت أن يعود السوداني وبيده جدول انسحاب قوات التحالف.
تأزيم داخلي وحرب خارجية
وبدت رحلة السوداني إلى واشنطن منذ البداية صعبة، إذ نقل عن مسؤولين غربيين قولهم إن «الموعد مع بايدن تم ترتيبه بشق الأنفس»، إذ كان من المفترض أن يكون موعد اللقاء في نهاية العام الماضي، لكن أزمة الحرب الإسرائيلية على غزة وتورط فصائل عراقية (ولائية) في الأحداث، أرجأ اللقاء عدة أشهر.
وخلال تلك الفترة تأزمت الأوضاع في الداخل مع إقليم كردستان، ما اضطر السوداني أن يحصر جزءاً من الخلافات في الأسبوعين الأخيرين قبل الزيارة، لكن العلاقة مع إيران بقيت متفاعلة. وكانت أغلب التوقعات قد ذهبت صوب تأجيل طهران الهجوم على أسرائيل أسبوعاً آخر لحين عودة رئيس الحكومة العراقية من واشنطن. لكن طهران لم تنتظر وردت على قصف إسرائيل لقنصليتها في دمشق بمسيرات وصواريخ مرت فوق الأجواء العراقية، وتسرّبت أنباء عن تدخل ما يسمى بـ(المقاومة العراقية) في عملية الرد على إسرائيل.
وقالت (واشنطن بوست) في تقرير لها: إن هجمات إيران الأخيرة على إسرائيل «عبر المجال الجوي العراقي» تثير مخاوف الولايات المتحدة.
وعشية هبوط طائرة رئيس الحكومة في قاعدة اندروز الجوية بولاية ميريلاند قرب العاصمة واشنطن، أرسلت طهران مئات المسيرات والصواريخ باتجاه إسرائيل.
وفي أول نشاطات السوداني، قال أمام الجالية العراقية في واشنطن: «أمريكا منحت العراق تفضيلات في الإعفاء الجمركي وتم توقيع مذكرة مع مؤسسات التمويل بقيمة خمسة مليارات دولار، وكلها غير مفعلة ضمن اتفاقية الإطار الإستراتيجي»، معتبراً أن «العراق اليوم يختلف عما كان عليه في 2014 لأن (داعش) لم يعد يشكل خطراً عليه».
وأضاف: «نريد الانتقال إلى علاقات ثنائية مع دول التحالف الدولي بعد الانتصار على داعش على غرار دول المنطقة وبضمنها العلاقات الأمنية». وزاد السوداني: إيران دولة جارة ولدينا معها مشتركات، وأمريكا حليف إستراتيجي وعلاقتنا مهمة معها، واعتبر العلاقة مع إيران والولايات المتحدة ميزة للعراق ويمكن أن توظف في خفض التوتر وهذا ما حصل في كل الأزمات بالمنطقة.
تفعيل اتفاقية الإطار الإستراتيجي
وبحسب مسؤول كبير في الحكومة العراقية تحدث لـ«عكاظ»، فإن بغداد هدفت من زيارة واشنطن إلى إحداث (قفزات في اتفاقية الإطار الإستراتيجي). واعتبر المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، زيارة رئيس الوزراء لواشنطن واحدة من أهم الزيارات في تاريخ العلاقات العراقية – الأمريكية، لافتاً إلى أنها هدفت إلى تفعيل أطر التعاون في جميع المجالات، وهناك بنود كثيرة في اتفاقية الإطار الإستراتيجي لم تفعل بصورة صحيحة منذ أن وقع الاتفاق في عام 2008.
وأضاف أن العلاقات سابقاً كانت تقتصر على الجوانب الأمنية والعسكرية، والآن هنالك مسعى لتحقيق قفزة في نوعية العلاقات الثنائية. ولفت إلى أن الزيارة تستهدف تفعيل اتفاقية الإطار الإستراتيجي بجوانبها السياسية والاقتصادية والاستثمارية والمصرفية والطاقة والمناخ وما تبقى من بنود نستطيع استثمارها لتوسيع أطر التعاون.
وتشهد العاصمة بغداد سلسلة اجتماعات للفصائل العراقية، خلال الأيام القادمة؛ لبحث نتائج زيارة السوداني إلى واشنطن وعدم عودته إلى بغداد دون جدول لانسحاب قوات التحالف الدولي؛ وفي مقدمتها القوات الأمريكية من العراق، وكيفية مواجهة زيادة عدد وعديد القوات الأمريكية، ما يفتح الباب أمام كل الاحتمالات.