وقال السفير الصيني العاشر لدى السعودية خلال لقائه الإعلاميين بمنزله في الرياض (الأحد): «تتمتع الصين والمملكة بإستراتيجيات متطابقة ومفاهيم متشابهة ومزايا متكاملة في التنمية؛ ما يجعلهما شريكين طبيعيين، وأثق بأنه في ظل القيادة الحكيمة والدفع المشترك لقادة البلدين سيشهد تطور العلاقات بين الصين والسعودية آفاقاً أوسع وأكثر إشراقاً، وسيحقق التعاون العملي في مختلف المجالات نتائج أكثر ثراءً». وأوضح السفير تشانغ، أن الصين ترى السعودية قوةً مهمة في عالم متعدد الأقطاب، وتضع تنمية العلاقات مع السعودية كأولوية في سياستها الخارجية الشاملة، خصوصاً ضمن دبلوماسيتها في الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن الصين والمملكة تنتهجان سياسة خارجية مستقلّة، إذ تدعو الدولتان إلى الحفاظ على النظام الدولي القائم على «ميثاق الأمم المتحدة» والقانون الدولي، في الأمم المتحدة ومجموعة العشرين ومنظمة شنغهاي للتعاون وغيرها من المنصات الدولية والقضايا الساخنة الدولية والإقليمية، كما تحافظ الصين والسعودية، منذ فترة طويلة على التواصل المستمر والتنسيق الوثيق، وعملنا معاً على تعزيز السلام والاستقرار العالمي وتحقيق التنمية والازدهار.
وبين بقوله: «في السنوات الأخيرة، تحت اهتمام وقيادة قادة البلدين المشتركين، دخلت تنمية العلاقات الثنائية مسار السرعة، إذ تتواصل المواءمة بين رؤية 2030 السعودية، ومبادرة الحزام والطريق الصينية باستمرار، كما تحافظ الصين والمملكة، على اتصال وتنسيق وثيقين بشأن تنفيذ نتائج زيارة الرئيس شي للمملكة على أرض الواقع ومواصلة تعزيز الأعمال للجنة السعودية – الصينية المشتركة رفيعة المستوى، ويمكن القول، إن العلاقات بين بلدينا تمر بأعلى المستويات مقارنة مع تاريخها».
السعودية البوابة المفضلة للشركات الصينيةنوه السفير الصيني بقوله: «في الوقت الحالي، تُعد الصين أكبر شريك تجاري للمملكة، وكذلك المملكة هي أكبر شريك تجاري للصين في غرب آسيا وشمال أفريقيا، إذ تجاوز حجم التجارة الثنائية بين الصين والمملكة 100 مليار دولار لمدة عامين متتاليين؛ ما يمثل أكثر من 35% من إجمالي حجم التجارة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة نفسها.
ولفت إلى أنه في السنوات الأخيرة، شاركت العديد من الشركات الصينية، بنشاط في بناء البنية التحتية لمشاريع «رؤية 2030» الكبرى، بما في ذلك مدينة المستقبل (نيوم)، وذا لاين، ومشروع البحر الأحمر وغيرها، حتى أصبحت السعودية البوابة المفضلة للشركات الصينية لدخول سوق دول الخليج.
السياحة والتعليم.. نقطتان مضيئتان
اعتبر السفير الصيني السياحة والتعليم نُقطتين مضِيئَتين جديدتين في التبادلات الشعبية والثقافية بين الصين والمملكة.
وأضاف: في مجال التعليم، خلال زيارة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان للصين 2019، أعلن إدراج اللغة الصينية في النظام التربوي التعليمي السعودي.
وفي 2022، خلال زيارة فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى المملكة، تم توقيع مذكرة التفاهم بشأن التعاون التعليمي في مجال اللغة الصينية بين وزارة التربية والتعليم الصينية ووزارة التعليم السعودية.
كما تم إطلاق تخصصات اللغة الصينية في 4 جامعات سعودية في الوقت الراهن، وتدشين وتشغيل معهد كونفوشيوس في جامعة الأمير سلطان. قبل بضعة أيام، حضرت نهائيات الدورة الثانية والعشرين لمسابقة «جسر اللغة الصينية» لقياس كفاءة اللغة الصينية، إذ تواصلتُ مع الطلاب السعوديين الذين يعشقون الثقافة الصينية.
تغيرات في السعودية غير مسبوقة
أوضح سفير الصين بقوله: «في مجال السياحة، وقّعت الصين والسعودية مذكرة التفاهم في سبتمبر من 2023، ومن خلالها تصبح المملكة رسمياً وجهة رئيسية للرحلات الجماعية الصينية، كما أطلقت الخطوط الجوية السعودية رحلات مباشرة بين جدة والرياض وبيجينغ العام الماضي، وفتحت أخيراً شركات الطيران الثلاث الصينية رحلات جوية مباشرة جديدة بين البلدين، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة عدد السياح الصينيين الملحوظة إلى المملكة، وفي 2023، قام أكثر من 30 ألف مواطن سعودي بزيارة الصين، كما أتى مئات الآلاف من المواطنين الصينيين إلى المملكة للسياحة وممارسة التجارة».
وأفاد بقوله: «سبق لي أن زرت السعودية مرات عدة للعمل، لكن هذه المرة لاحظت بوضوح تغييرات غير مسبوقة، ومنذ أن طرح ولي العهد رؤية 2030، تسارعت السعودية في تعزيز التنويع الاقتصادي، وفي الوقت نفسه، أصبح المجتمع أكثر حيوية وانفتاحاً وشمولاً، وفي 2023، تجاوزت نسبة مساهمة الاقتصاد غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي 50% لأول مرة، وهو إنجاز تاريخي يستحق الثناء».
مواصلة تكريس روح الصداقةأكد السفير الصيني تشانغ هوا، أن تايوان هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، فتاريخ تايوان كجزء من الصين لديه الأصل التاريخي والحقائق القانونية الواضحة. وقال، لا أحد يقدر السلام في مضيق تايوان كما نقدره، نحن نلتزم بأقصى درجات الصدق ونبذل كل جهد ممكن للسعي نحو إعادة توحيد ضفتي المضيق سلمياً، لكننا نرفض بشدة أي شخص أو جهة تحاول تقييد حركتنا لمكافحة الأنشطة الانفصالية من قوى «استقلال تايوان» تحت ذريعة الحفاظ على السلام في مضيق تايوان، ونحن لا نسمح لأي شخص أو جهة بالتدخل في الشؤون الداخلية الصينية تحت غطاء السلام.
وأضاف: ستعقد الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في بيجينغ في 30 مايو 2024، إذ يعد تأسيس المنتدى قراراً إستراتيجياً اتخذته الصين والدول العربية انطلاقاً من التطور الطويل الأمد للعلاقات الصينية العربية، فالجانب الصيني على استعداد للعمل سوياً مع الجانب العربي على مواصلة تكريس روح الصداقة الصينية العربية وإثراء وتعميق معادلة التعاون الصيني العربي شاملة الأبعاد ومتعددة المستويات وواسعة المجالات؛ ما يساهم في بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك على مستوى أعلى.