وضع الذهنية في إطار محدد هو اختيار شخصي بحت. فالشخص هو الذي يقرر آلية عمل ذهنه. هل يريد أن يكون صاحب ذهنية تفكر بطريقة متشائمة دائماً وتعطي أحكاماً خاطئة وتنظر إلى كل ما حولها بسوداوية – وهذه تسمى في الغالب (الذهنية الثابتة)؟ أم يريد أن يكون صاحب ذهنية مرنة وحيوية قابلة للنمو على مدار الساعة؟
صاحب الذهنية الثابتة ليس غريباً على الكثيرين.. نراهم حولنا في كل موطئ قدم. هم أولئك المتذمرون من كل شيء، والرافضون لكل شيء، والمحبطون من كل شيء. كل ما يمر حولهم ويرونه ويتعاملون معه هو في نظرهم معضلة ومشكلة ونكد من أنكاد الدنيا التي لا تنتهي. هذه الفئة لا تنجز أي عمل تقوم به بشكل احترافي.. ولن يأتي عليها يوم تصبح فيه من أصحاب الإنجازات. قصصهم لا تنتهي نهايات سعيدة.. دائماً تحت خط التراجيديا.. أو الكوميديا السوداء.
على الجانب الآخر، أصحاب الذهنية المرنة القابلة للنمو، وهؤلاء ندرة.. أو صفوة.. هم يعملون دائماً على تغذية أذهانهم بالمعلومات (الصحيحة – الكاملة – المرتبة)؛ واحدة من هذه الثلاث لا تكفي، فقد يحصل الفرد على معلومات كاملة وصحيحة.. ولكن للأسف لا تكون مرتبة.. فتهوي به من قمم المواقف الحياتية.
أصحاب الذهنية الراغبة في النّمو هم الناجحون الذين تمكنوا من صنع إنجازاتهم الخاصة بهم – أياً كانت – هي في النهاية نتاج ذهنهم الحيوي الطموح المزدهر؛ فطريق الإنجازات العالية في الحياة الشخصية أو العملية لا تكون مفروشة بالبساط الأحمر المنثور بالورود، بل مليئة بالنكسات والتحديات والصعوبات، والذهنية المرنة تعرف النهج الفكري الصحيح لتجاوز العقبات.. بل تنظر لها – أي العقبات – على أنها فرص للتعلم والنّمو.
صناعة الذهنية الصحيحة ليس صعباً.. ولكنه ليس سهلاً. كلمتا السر هما، أولاً: تغذية الذهن بالمعلومات ذات القيم والمعتقدات الصحيحة التي تصنع المرونة والقابلية للنمو، وثانياً: التعامل مع المعضلات من مبدأ البحث عن حلول عوضاً عن السوداوية التي تورث ذهنية الفقر الفكري.
العمل على صناعة ذهنية تحقق الإنجازات الكبيرة والأهداف الذاتية ليس مضيعة للوقت أو الجهد أو المال.. بل هو ثورة العالم الحديث.. والشغل الشاغل لعلماء تنمية الموارد البشرية.. فهم يعلمون جيداً أن الخروج من الإطارات القديمة وفتح الذهن والآفاق الرحبة يصنع استراتيجية (النمو مدى الحياة).