وتمثّلت ثقافة الإنتاج والإبداع قيمنا الوطنية، وأخلاقنا العربية، ووظفت تقنيات معاصرة قدراتها في خدمة الأصالة، لتغدو مقوّماً من مقومات جودة الحياة المدنية بكل معطياتها، المُعبّرة عن ثراء المكان، وغنى الإنسان، وفرادة الزمان، خصوصاً في ظل الإيمان، بدور المثقف الطليعي، والأديب اللوذعي، والفنان الألمعي، باعتبارهم رأس المال الثقافي، المُؤسس لانطلاقة إبداعية مواكبة لكل المنجزات، بما شرّعته من نوافذ، وما جددته من مسارات للطاقات الإبداعية المنتمية لموروث عريق، وتقاليد أثيلة تنتمي لـ13 منطقة زاخرة بتضاريسها ومناخها وفلكلورها، ونجوب هنا فضاءنا المحلي، والخليجي والعربي والكوني؛ لنتتبع أبرز ملامح الفعل الثقافي في هذا العام الميلادي؛ الذي أوشك على طي الصفحات الأخيرة من أيامه.
رغم التحفظ الكبير حدّ الاسترابة والتخوين لفكرة اعتماد (الفلسفة) في المناهج والمقررات الدراسية في بلادنا، وإسهام خطابات تقليدية في التنفير منها، غدت (أُم العلوم) اليوم محور النشاطات والمبادرات، ما وطد دعائم معرفية تسهم في رفع الوعي الإنساني والأخلاقي، وتعزيز قيم التعايش والتسامح من خلال الحوار، وتطوير مهارات التفكير، وفي السابع من ديسمبر الجاري، أطلقت هيئة الأدب وجمعية الفلسفة المؤتمر الثالث للفلسفة في العاصمة (الرياض)، وشارك فيه أكثر من 80 باحثاً متخصصاً ناقشوا على مدى ثلاثة أيام، مستجدات الفكر الفلسفي، وتطبيقاته الحديثة، ما مكّن لطرح حُرّ، جوّاب آفاق وفضاءات، أتاح لجميع الفئات المجتمعية، مدّ جسور التواصل مع رموز الفكر، ما مكّن جمعية الفلسفة بالانضمام للاتحاد الدولي للفلسفة.
أبو الفنون يستردّ أنفاسه في الرياض
أسدل المسرح السعودي الستار على حقبة المواربة والجفاء التي مُني بها طيلة عقود، وعاد إلى الواجهة برعاية رسمية، ومنذ أيام اختتم مهرجان الرياض للمسرح، دورته الأولى التي نظمتها هيئة المسرح والفنون الأدائية، واستمرت 12 يوماً بتنظيم من هيئة المسرح والفنون الأدائية في مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وحلّت دولة تونس ضيف شرف، وتنافست على 11 جائزة، 10 مسرحيات لفرق مسرحية سعودية، من مختلف مناطق المملكة، مختارة من بين 100، والمسرحيات، هي: مسرحية (بحر) لفرقة جمعية الثقافة والفنون بالأحساء، (حققت المركز الأول)، ومسرحية (الحِجر) لفرقة نادي القفزة الأولى، و(طليعة هجر) لفرقة كلوز ميديا، و(صفعة) لفرقة كالوس، و(ذاكرة الشيطان) لفرقة رؤية، إضافةً إلى (ضوء) لمسرح الطائف، و(بائع الجرائد) لفرقة فن بوكس، و(ذاكرة صفراء) لفرقة نورس، و(دوار مغلق) لنادي مسما المسرحي، و(الظل الأخير) لفرقة الوطن المسرحية، واحتفى المهرجان بتجربة الرائد المسرحي (محمد العثيم) من خلال عرض مسرحية من تأليفه، وأغانٍ من كلماته شدت بها أروى السعودية، وأقيم معرض فني خاص بمسيرته الفنية، وقُدِّم فيلم وثائقي يحكي سيرته في المسرح.
الفن السابع من الجفاء إلى الإحياء
عقب أزمنة جفاء، عاد الفن السابع إلى الحياة في مهرجانات سعودية، لم يكن آخرها مهرجان البحر الأحمر السينمائي؛ الذي اختتم دورته الثالثة في التاسع من ديسمبر بمدينة جدة. وجمع نجوماً ومُخرجين وصُناع سينما مرموقين من جميع أنحاء العالم، وتجددت الآمال والتطلعات، بنقلات تضع أقدام السينمائيين السعوديين على عتبات المنافسة على جوائز عالمية.
ديوان العرب يتبوأ الصدارة لعام كامل
أكد وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، أن موافقة مجلس الوزراء على تسمية عام 2023 «عام الشعر العربي»، تمثِّل احتفاءً بالقيمة المحورية للشعر في الثقافة العربية على امتداد تاريخ العرب.
وجاءت البادرة إحياءً لتاريخ ديوان العرب العريق، وتعزيزاً لإسهاماته في الإبداع الإنساني، وإرساءً لتقاليده الناجزة، وإحلاله مكانةً مستحقة بين آداب العالم وفنونه، وتسلط رحلات الشعراء مكتسبات أدبية وسياحية ضمن رحلات الشعر العربي، وتسلط الضوء على حياة الشعراء؛ ومنهم حاتم الطائي في مدينة حائل، ورحلة امرئ القيس في مدينة الرياض، ورحلة (قفا نبك)، ورحلة قيس بن الملوح، ورحلة ليلى العامرية، ورحلة طرفة بن العبد، ورحلة الأمانة، التي استعادت سيرة وحياة الشاعر، عبر عروض بصرية توثّق مسيرة الشعراء وقصائدهم والفضاء المكاني المعزز للشاعرية والقيم الجمالية.
4 معارض تنصف تاريخ «خير جليس»
شهد العام الحالي طفرة في معارض الكتب، ما أنصف تاريخ (خير جليس) انطلاقاً من مهرجان (الكُتّاب والقُرّاء) في المنطقة الشرقية، ومعرض المدينة المنورة للكتاب، ومعرض الرياض الدولي للكتاب، ومعرض جدة للكتاب.
الشريك الأدبي البصمة الأحدث لشعبية الثقافة
حضرت مقاهي الشريك الأدبي هذا العام، لتكسر نخبوية الثقافة، وتلتقي بعامة أفراد المجتمع، في فضاء خالٍ من البروتوكولات الرسمية، وتجاوزت 80 مقهى، تقدم ما يقارب خمسة آلاف فعالية خلال عام.
الكوري تشوي يونج يفوز بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام
منحت جائزة الملك فيصل العالمية، جائزة خدمة الإسلام لهذا العام، مناصفةً، لكل من أستاذ الدراسات الإسلامية -سابقاً- في جامعتي ميونجي وهانكوك للدراسات الأجنبية في كوريا الجنوبية رئيس صندوق هبة الإسلامي الكوري تشوي يونج كيل حامد؛ لترجمته لعدد كبير من الكتب الإسلامية وجهوده الدعوية، ولرئيس المجلس الدائم لصندوق التضامن الإسلامي ورئيس مجلس أمناء الجامعة الإسلامية في النيجر السفير الإماراتي ناصر بن عبدالله الزعابي؛ لجهوده في العمل الخيري والإغاثي، ونال جائزة فرع الدراسات الإسلامية وموضوعها (العمارة الإسلامية) البروفيسور البريطاني روبرت هيلينبراند؛ لتميز أعماله بالشمولية الواسعة جغرافياً وزمنياً، واستحق جائزة اللغة العربية والأدب (السرد العربي القديم والنظريات الحديثة) المغربي الدكتور عبدالفتاح كيليطو؛ لبراعته في تأويل الأعمال السردية العربية القديمة بدراسات مكثفة، وذهبت جائزة الطب (الأوبئة وتطوير اللقاحات)، بالاشتراك لكل من الأمريكي دان هون بوروك، والبريطانية ساره كاثرين غيلبيرت؛ نظير ما قدما من إسهامات كبيرة في دراسة وتطوير اللقاحات. ونال جائزة (الكيمياء)، بالاشتراك، كل من الأمريكية جاكي يي-رو ينغ، والأمريكي تشاد ألكساندر ميركن لإسهاماتهما في تصنيع المواد النانوية المتقدمة والأنظمة والتطبيقات، وتقديم مفهوم الجسيمات النانوية من الذرات والحمض النووي لتكوّن روابط لإنشاء وتصميم المواد العيانية الوظيفية البلورية.
الإيرلندي لينش والعماني القاسمي يخطفان البوكر
نال جائزة بوكر العالمية 2023 الكاتب الإيرلندي بول لينش، عن روايته (أغنية نبي – بروفيت سونج)؛ التي تدور حول قصة عائلة وبلد على شفا كارثة، فيما فاز الروائي العماني زهران القاسمي بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، عن روايته (تغريبة القافر).
النرويجي يون فوسه يعيد نوبل الآداب للجزيرة الإسكندنافية
فاز الكاتب النرويجي يون فوسه بجائزة نوبل للآداب 2023، وقالت الأكاديمية السويدية -التي تمنح الجائزة- إنها اختارته «لمسرحياته المبتكرة ونثره الذي يعطي صوتاً لما لا يمكن قوله». وأضافت الأكاديمية أن أعمال فوسه «تمزج بين طبيعة خلفيته النرويجية مع التقنية الفنية-الأدبية»، وأثنت عليه «لكشفه عن القلق الإنساني والتناقض في الجوهر البشري» في أعماله التي ناهزت 40 عملاً، وعدّته من مؤلفي المسرحيات الأكثر عرضاً في العالم، ويزداد شهرة بأعماله النثرية.
جائزة العويس لمصري وعراقي وبحريني ومغربي
فاز بجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية الدورة الثامنة عشرة (2022 2023) كلٌّ من الشاعر الناقد الدكتور حسن طلب، والكاتب البحريني أمين صالح، والناقد العراقي الدكتور عبدالله إبراهيم، والمفكر المغربي عبدالسلام بنعبد العالي.
الجوائز الأدبية الفرنسية.. حظوة نسائية
نال الكاتب الفرنسي جان باتيست أندريا جائزة غونكور الأدبية الفرنسية عن روايته (أعتني بها) الصادرة عن دار (ليكونوكلاست)، وذهبت جائزة (رونودو)، إلى الروائية الفرنسية آن سكوت عن روايتها (الوقحون) الصادرة عن دار (كالمان ليفي)، وفاز بجائزة (ميديسيس) فئة الرواية المكتوبة بالفرنسية، الكاتب الكندي الشاب كيفن لامبير عن روايته (فلتستمر فرحتنا)، ومنحت جائزة الرواية الأجنبية، مناصفةً لكل من الكاتبتين البرتغالية ليديا جورجي عن روايتها (شفقة) والكورية الجنوبية هان كانغ عن روايتها (الوداع المستحيل). فيما مُنحت جائزة أفضل مقالة أدبية إلى لور مورا عن كتابها (بروست، رواية عائلية).
وتوِّجت الكاتبة الفرنسية نيج سينّو بجائزة (فيمينا) عن روايتها (النمر الحزين) فئة الرواية الفرنسية، بينما فازت الأمريكية لويز إرديتش بالجائزة في فئة الرواية الأجنبية عن روايتها (عقوبة الفتى).
الجوائز الإسبانية.. بين اليابان والأوروغواي
ذهبت جائزة (ميغيل دي ثربانتس) الإسبانية إلى الشاعر والروائي الإسباني لويس ماتيو دييس؛ الذي وصفه وزير الثقافة الإسباني بأنه: «مبتكر عوالم وأراض خيالية».
ومُنحت جائزة (أميرة أستورياس) للأدب للروائي الياباني هاروكي موراكامي؛ الذي عزت لجنة تحكيم الجائزة منحه إلى كونه يتميز بـ«أدب متفرد، وصيت عالمي، وقدرة على التوفيق بين التقاليد اليابانية وإرث الثقافة الغربية في سرد طموح ومجدد»، وقدرته على التعبير عن: «بعض أعظم مواضيع وصراعات زمننا: الشعور بالوحدة، عدم اليقين الوجودي، وحشية المدن الكبرى والإرهاب».
وفازت الشاعرة الأوروغويانية تشيرتشي مايا بجائزة (فيديريكو غارثيا لوركا العالمية للشعر)، بينما كانت جائزة (بلانتا) من نصيب الكاتبة الإسبانية سونسوليس أونيغا عن روايتها (بنات الخادمة).
الفائزون بالجوائز الأدبية البريطانية والألمانية
وفي بريطانيا، حصدت رواية (ملجأ الزمن) للروائي البلغاري غيورغي غوسبودينوف جائزة (مان بوكر الدولية) التي تُمنح للروايات المترجمة إلى اللغة الإنجليزية.
ومنحت جائزة (جورج بوشنر) الألمانية هذا العام إلى الشاعر الألماني لوتز سلر، ونال الكاتب الهندي تونيو شاخينغر جائزة (الكتاب الألماني)، ضمن فعاليات (معرض فرانكفورت الدولي للكتاب)، عن روايته (عصر حقيقي).
كتارا ونجيب محفوظ
أعلنت جائزة (كتارا للرواية العربية) فوز كلٌ من: المصري أشرف العشماوي عن روايته (الجمعية السرية للمواطنين)، ورشا عدلي عن روايتها (أنت تشرق أنت تضيء)، والعُماني محمد اليحيائي عن روايته (الحرب) عن الروايات العربية المنشورة.
ونال الجائزة في فئة (الروايات غير المنشورة): المصري رامي رأفت عن روايته (كومَالَا ابن النار.. ورحلته في ممالك الجبارين)، والسوري محمد تركي الدعفيس عن روايته (مدينة يسكنها الجنون)، والجزائري مصطفى بوري عن روايته (البروفات الأخيرة).
وفاز بجائزة (نجيب محفوظ) كلٌ من المصري، إبراهيم الفرغلي عن روايته (قارئة القطار)، والفلسطيني حسن حميد عن روايته (ناغوني الصغير). بينما ذهبت جائزة (الطيب صالح)، في فئة الرواية، لكل من: الكاتبة المصرية علياء عبد المولى هيكل عن رواية (الخروج من البئر)، والكاتب السوداني منصور إدريس حسن محمد عن رواية (طحلب أزرق)، والمصري عادل سعد محمد سعد عن رواية (الكحكح وما الدنيا إلا مسرح كبير).
وفي فئة القصة القصيرة، ذهبت الجائزة إلى: الكاتب العراقي ميثم هاشم طاهر عن مجموعته (وشام النمور)، والكاتبة المصرية أميمة عزالدين عن مجموعتها (الموتى لا يستقبلون الصباح)، ومواطنتها أسماء شفيع عبدالهادي عواد عن مجموعتها القصصية (امرأة الحجر).
رحيل علوان ونقشبندي وزايد يربك القصيدة والرواية والقصة
لم يشأ العام الحالي أن يمضي لحال سبيله دون أن يترك في الصدر لوعة، وفي القلب غُصة، وعلى الصوت نبرة حزن، وعلى الملامح وجع فراق، ما أربك القصيدة والرواية والقصة برحيل ثلاثة من رموز الكتابة السعوديين، القاص محمد علي علوان، والروائي هاني نقشبندي، والشاعر محمد زايد الألمعي.
2023 نصّب أول سيدة أميرة للشعراء
لم يبخل عام 2023 على المبدعات، إذ نصّب الشاعرة العمانية عائشة السيفي (أميرة للشعراء) من خلال البرنامج الأشهر أمير الشعراء في موسمه العاشر، وكانت أول سيدة تحقق هذا اللقب، وللسيفي 4 مجموعات شعرية: (البحر يبدّل قمصانه) 2014، و(أحلام البنت العاشرة) 2016، و(لا أحبّ أبي) 2017، و(في الثلاثين من نخلها) 2022، ولها حضورها الفاتن شعرياً وثقافياً.