السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لو لم تتحرك تركيا ضد جماعة الإخوان وتجردهم من كل أدوات التمكين السابقة وتطردهم من أراضيها، ولو لم تسع لتقوية علاقاتها مع دول المنطقة، فهل سيكون هذا موقفهم تجاه قضية العنصرية ضد العرب في تركيا؟ بالطبع لا، فلن يجرؤ أي كادر إخواني كبيراً كان أو صغيراً أن يتفوّه بحرف أو يكتب كلمة لنصرة الشعب السوري، فقضية سوريا برمتها على مرأى ومسمع الحزب ولم نشهد أي موقف إيجابي في هذا الشأن، ولم نسمع عن أي انتقاد أو مطالبات باستقبال النازحين السوريين على مدى عقد ونيف منذ بدء تدفق المهجرين على أوروبا وبقية البلاد العربية، فالمسألة هنا لا تحتاج للحصافة أو لمزيد من التحليل، خصوصاً أن هذا الموقف الجماعي المتأجج لجماعة الإخوان تزامن تماماً مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ويكفي هذا التقارب في العلاقات السعودية التركية لتبدأ مسرحيات الإنسانية الإخوانية ضد الحكومة التركية كوسيلة ضغط واستعراض قوة التنظيم في تأجيج الرأي الإسلامي العام ضد تركيا التي كانت بالأمس ملاذهم وقبلة دعواتهم ومحط إعجابهم لتصبح اليوم ظالمة وعنصرية لمجرد ترسيخ علاقاتها مع السعودية.. وإن لم يكن هذا سخفاً وجهلاً سياسياً فماذا يكون إذاً؟
معلقات شعرية تدين تركيا وتصفها بالعنصرية، وتغريدات تملأ حسابات الإخوان تنديداً بالنظام التركي بدأت بالتلميح وأضحت بالتصريح ثم الانقسامات في قلب التنظيم نفسه، فكيف انقلبت فئة كبيرة من هذا الحزب الإرهابي من مطبل يتغنى بفضائل الترك ومحاسنهم وكيل المدائح والإشعار في الرئيس أردوغان إلى بيادق ضد النظام التركي، والجواب هو أن هذا التنظيم فاشل سياسياً وحساباته ترتد عليه بالكوارث والمصائب كونه مجرد تنظيم مستهلك وورقة سياسية تتقاذفها البراغماتية الدولية والمصالح السياسية، وفور الانتهاء منه يتم حرقه في مكبات السياسة غير مأسوف عليه ولا على كوادره كباراً وصغاراً!
قاعدة مهمة لم يستوعبها الإخوان لجهلهم وفقرهم بأدنى مبادئ السياسة: الخونة لأوطانهم ينهزمون عند أول منعطف سياسي، ويرتدون على أعقابهم خاسرين ذليلين محطمين!