نسرد هذه المعلومات، للعارفين بالشؤون العسكرية بأن معظم الضربات الجوية التي تنفذها إسرائيل في سورية هي بمعرفة مسبقة من الناحية العسكرية من قبل الروس الذين نصبوا مضادات «إس 300» في سورية، وهي منظومة قادرة على ردع الطيران الإسرائيلي فوق سماء سورية، بل إن سورية طلبت في أكثر من مرة من روسيا تفعيل منظومة الصواريخ ضد الطيران الإسرائيلي وكان الجواب الروسي، أن ثمة تفاهمات إسرائيلية -روسية أن هذه المنظومة للدفاع عن المواقع الروسية فقط، وبطبيعة الحال فإسرائيل لا تستهدف أية مواقع روسية وبالتالي هذه المنظومة لم ولن يتم تفعيلها ضد الطيران الإسرائيلي.
بعد يوم واحد من الضربة أبلغت الولايات المتحدة الجانب الإيراني أنها ليست على علم مسبق بنية إسرائيل بمثل هذه الضربة، ذلك أن تحمل مسؤولية هذا الحجم من الهجوم سيكون له تداعيات بكل تأكيد على القوات الأمريكية في سورية والعراق حيث النفوذ الإيراني الواسع.
ونقل موقع «أكسيوس» الأمريكي عن متحدث باسم مجلس الأمن القومي، أن الولايات المتحدة لم يكن لها أي دور في الضربة الإسرائيلية ولم نكن على علم بها في وقت مبكر.
إذ نحن أمام مواجهة إسرائيلية – إيرانية خرج منها اللاعبون الدوليون والإقليميون لتكون لحظة الحقيقة واضحة من قبل إسرائيل وإيران، ويواجه كل طرف منهما الخصومة التاريخية على الأرض.
الضربة كانت من العيار الثقيل، وصدمة كبيرة في إيران، خصوصا أن محمد رضا زاهدي كان يقود الوحدة 18000 التابعة لفيلق القدس، المسؤولة عن تهريب الذخيرة والأسلحة إلى لبنان. وتولى من قبل قيادة القوات الجوية التابعة للحرس الثوري، وفرقة الإمام الحسين. وكذلك الأمر بالنسبة إلى العميد حسين أميري، لذا فإن استهداف هذا النسق من الشخصيات القيادية الرفيعة في الحرس الثوري، هذا إذا أردنا إسقاط الاعتبارات السياسية والدولية باستهداف المقرات الدبلوماسية والتي تعتبر جريمة حرب.. لقد تجاوزت إسرائيل كل الخطوط ودفعت إيران إلى شيء واحد.. هو الرد والانتقام، وإن لم تفعل إيران فإنها في ورطة ومحنة كبيرة على مستوى منظومة الحرس الثوري وعلى مستوى أذرعها في سورية والعراق واليمن ولبنان، لكن أين سيكون الرد الإيراني على إسرائيل؟.
إسرائيل ليست دولة ذات امتداد واسع في الشرق الأوسط، وساحات نفوذها صفر مقارنة بالنفوذ الإيراني، فهي بقعة جغرافية ضيقة وقلعة أمنية محاطة بـ«المتربصين» بها في الطوق وحتى في الداخل، وبالتالي ليس هناك من بؤر إسرائيلية يمكن استهدافها إلا بؤرتين؛ الأولى مناطق البعثات الدبلوماسية في الخارج، وهذا يعني بحكم الرد المتوقع أن 87 مقرا دبلوماسيا إسرائيليا في العالم هدف محتمل لإيران، أما المنطقة الثانية في الداخل الإسرائيلي، أي استهداف داخل الأراضي الإسرائيلية، وأمام هذه المعطيات لابد أن نقر بأن إيران وإسرائيل أمام حرب مفتوحة، ذلك أن إيران وبكل تأكيد لن تمرر هذه الصفعة الإسرائيلية في دمشق، المشكلة الأكبر أمام إيران أن أي عملية ضد إسرائيل لا بد أن ترتقي إلى مستوى الفعل الإسرائيلي الأول، وهذا ما يضع الرد الإيراني قيد الاختبار الداخلي والخارجي وأمام أيضا الوكلاء في المنطقة.
لقد فرضت تل أبيب قواعد لعبة جديدة بعد 1 أبريل، مفادها بأن ثمة حربا مفتوحة ضد طهران لا تخضع للقوانين ولا الأعراف الدولية، حرب تكون فيها السفارات والقنصليات مباحة ما دام هناك رائحة للحرس الثوري، هذه الحرب بكل تأكيد لن تتوقف عند حدود معينة، سيكون فيها كل شيء مباح السفارات والقنصليات في مكان في العالم، حتى أن إسرائيل استعدت إلى أبعد من ذلك بعد أن قررت تدريب المدنيين في إسرائيل على القتال وحمل السلاح، بالنسبة لإسرائيل هذه حرب «أكون أو لا أكون» ولن تقبل بهزيمة من أي طرف وإن كانت أمريكا.. فهل تنجح إسرائيل في وضع هذه القواعد الجديدة؟
المنطقة بالكامل ليست على ما يرام وبالتأكيد مقبلة على تصعيد وخلط أوراق، وربما هذا ليس بجديد، إلا أن الجديد في الأمر محاولة الوصول إلى قمة الأذى السياسي والأمني، وفرض الرد على الأقل لحفظ ماء الوجه كما هو الحال مع إيران اليوم.
اليوم ثمة انتظار صعب لأفعال إيران، وانتظار آخر لتهديدات المرشد علي خامنئي الذي قال في تغريدة له على منصة إكس: «سنجعل الصهاينة يندمون على جريمة الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق ومثيلاتها».
فهل فعلا ستندم إسرائيل على هذا الجنون الأمني، وتدخل في حرب الانتقام المتبادل مع إيران؟ حينها سيدخل الشرق الأوسط في حرب الجنون!.