شاب في الثلاثين من عمره معروف بحماسه والتقيد بمواعيده، وتحديداً مواعيد عمله، ما جعله محل تقدير زملائه ورؤسائه الذين كانوا يرونه قدوة، هذا التقدير جعل مازن، أكثر حرصاً على التقيد بالدوام والمواعيد، حتى أن البعض كان يطلق عليه المنضبط.
لكن عقارب الساعة في هذا اليوم تجاوزت موعد حضور مازن، وصف البعض تأخره بالحدث الغريب والنادر، وقرروا السؤال عنه ومعرفة أسباب تأخره، لكن هاتفه لا يرد، كان مغلقاً، وقرر سعيد الذي يسكن بالقرب من زميله مازن أن يذهب إليه في المنزل بعد انتهاء الدوام للسؤال عنه والاطمئنان عليه، وكانت المفاجأة أن زميله منوم في المستشفى نتيجة سقوطه من سلالم الدرج، وفي المستشفى عرف أن سبب وجود زميله على السرير الأبيض «الجوال»؛ فقد كان على عجلة من أمره أثناء نزوله من على سلالم الدرج وتعثر فسقط، ونقل إلى المستشفى، واتضح أنه مصاب ببعض الرضوض ومنها في عظمة «العصعص».
وهنا تذكر صديقه لاعب كرة القدم الشهير الذي أعلن قبل سنوات اعتزاله عن ممارسة الكرة؛ بسبب معاناته من بعض الألآم في مفاصل جسمه ومنها عظمة العصعص بسبب كثرة سقوطه أرضاً. وسأل الطبيب الذي جاء لمعاينة زميله مازن والاطمئنان على صحته، وقال له: إنه في حاجة إلى الراحة والنوم مستلقياً على ظهره وإلى بعض المسكنات والجلوس بطريقة صحية، ونبّه الطبيب سعيداً بتجنب الجلوس لأوقات طويلة خصوصاً إذا كان الكرسي صلباً حتى لا يصاب بمرض «العصعص»!
يصيب النساء بعد الولادة ما هو مرض العصعص؟
استشاري جراحة العظام والعمود الفقري الدكتور أحمد التركستانى فسره بقوله: العصعص هي أجزاء عظمية متصلة ببعضها تقع في آخر جزء في العمود الفقري، وهو صغير الحجم، لكن ألمه شديد، يصيب الإنسان في منطقة أسفل الحوض، ويختلف كليّاً عن مرض وألم (عرق النساء)؛ الذي يحدث نتيجة انزلاق غضروفي في الفقرات القطنية ما يسبب ضغطاً على مخرج الأعصاب بالأطراف السفلية، محدثاً ألماً يبدأ في منطقة المقعدة، ويمتد نزولاً إلى القدمين وهو يختلف عن العصعص الذي يكون مرتكزاً في منطقة المقعدة.
ويضيف الاستشاري التركستاني: عادة يصاب الإنسان به نتيجة تعرضه للسقوط بشكل مفاجئ على أسفل الحوض أو جلوسه لساعات طويلة، وتحديداً فوق أرض صلبه أو جسم صلب، أو حمله لأوزان ثقيلة مع ضعف عضلاته، فيحدث تهيج وآلم، وتصاب به بعض النساء بعد الولادة، وعلى الرغم من أن الأطفال قلّ ما يصابون به إلا أن (العصعص) يصيب أي فئة عمرية، وأكثر الإصابات تظهر في النساء بنسبة 5 أضعاف عن الرجال.
ويقول طبيب العظام التركستاني، إنه يمكن وبنسبة 90% التخفيف من آلام العصعص من خلال العلاجات التحفظية كاستخدام الدعامات أو «سنادات» الجلوس حتى تخفف من الضغط على منطقة العصعص مع مسكنات على شكل أقراص، وممارسة بعض التمارين الرياضية، ومع الوقت يخف الألم والالتهاب، ويزول، وفي حال عدم الاستجابة للمسكنات وللدعامات يحتاج المريض إلى استخدام حقن الكورتيزون، فيما تأتي مرحلة التدخل الجراحي في حالات نادرة.
ألم عجب الذنب !
استشاري طب الأسرة بمركز صحي الأمير عبدالمجيد في جدة الدكتور محمد جمعة، يوضح أن ألم العصعص الذي يسميه البعض بعظمة «عجب الذنب»، حاد وشديد في أسفل الظهر، ويصاحبه وخز أو تنميل في المنطقة، ويتغير بتغير الوضعية من الجلوس إلى الوقوف أو اثناء عملية التبرز أو قد يصل بمن يصاب به إلى مرحلة تجنبه القيام بأنشطة أو هوايات كان مواظباً عليها قبل إصابته بعظمة عجب الذنب، خصوصاً إذا كانت تلك الممارسات تستدعي الجلوس لفترات طويلة على سطح صلب أو ما شابهه، وكبار السن والسيدات الحوامل أكثر الفئات عرضة للإصابة بألم العصعص؛ نتيجة ظروفهم الصحية وتقدمهم في السن؛ الذي ينعكس على عدم قدرتهم على الحركة والتنقل بخفة، ناهيك عن تعرض البعض للسقوط المفاجئ والجلوس لفترات طويلة على وتيرة واحدة دون حركة أو تنقل.
التدخل الجراحي لهذه الحالة
الاستشاري جمعة أضاف أن الرياضيين قد يكونون أكثر الفئات عرضة للإصابة بهذا الألم؛ نتيجة تعرضهم للسقوط المتكرر وحمل الأثقال التي قد تكون فوق طاقة احتمالهم، ومن يمارسون رياضة ركوب الدراجات الهوائية والنارية يتعرضون لذات الأعراض والمرض.
وللتخلص من آلام العصعص يبين الاستشاري جمعة، أنه لا بد من الوقوف على مسببات المرض أولاً من خلال الفحوصات؛ ومنها الأشعة، ومن خلالها يتم صرف العلاجات المناسبة لكل حالة، ناصحاً بأن على كل من يشعر بالألم في أسفل الظهر وتحديداً في منطقة المقعد أن يراجع أقرب طبيب أسرة أو عظام وعمود فقري لتشخيص حالته مبكراً ووصف العلاج المناسب؛ الذي يبدأ عادة بالتدرج من علاج لا دوائي مثل ممارسة التمارين وتقوية عضلات الظهر مع علاج طبيعي وخسارة للوزن الزائد والإكثار من الألياف لتسهيل عملية الإخراج مع تناول بعض الأدوية المسكنة أو المضادات لفترة معينة قد تستمر من أسابيع لأشهر بحسب كل حالة، والنظر إلى مدى استجابتها لمعالجة الالتهاب، وذلك تجنباً للتدخل الجراحي الذي يكون في آخر المراحل في حال لم تستجب مع العلاجات.
الحذر من الأراضي الصلبةأخصائي طب الأسرة بمركز صحي الأجاويد بجدة الدكتور تركي محمد الخرجي، بيّن أن التشخيص لألم العصعص يتم عن طريق التاريخ المرضي والفحص السريري والاستعانة بالأشعة، ومن خلالها يتعرف الطبيب على درجة الإصابة بمرض العصعص الذي لا يعتبر من الأمراض الخطرة، لكنه من الأمراض المؤلمة، وتفقد الإنسان بعض المهارات التي كان ينفذها أثناء جلوسه، فكثير من الحالات المصابة بهذا المرض تصل نسبتها إلى أكثر من 90% عادة ما تشفى مع ممارسة بعض من أنواع الرياضات لشد عضلات أسفل الظهر والحوض وتقويتها، مع أهمية الحرص على عدم الجلوس لفترات طويلة وبالذات على الأراضي الصلبة، والحرص على تناول العلاجات المخففة للألم المضادة للالتهابات مع أخذ حمام ساخن لإرخاء العضلات وتخفيف الألم واستخدام وسادة هلامية عند الجلوس. ومدة استشفاء بعض الحالات، خصوصاً إذا كانت في مراحلها الأولى بين الخفيفة والمتوسطة، عادة بين أسبوعين إلى أربعة، وهناك نسبه قليلة من المرضى ممن يحتاجون إلى إجراء التدخل الجراحي.
علاج ناسور عصعصي في المجمعة
أعلنت وزارة الصحة أن فريقاً طبياً بمستشفى الملك خالد بالمجمعة، نجح في إجراء عملية جراحية نادرة ومعقدة لمريض كان يعاني من ناسور عصعصيّ مع خراج، لمدة ثلاث سنوات، بعد أن أظهرت الفحوصات وجود الناسور بثلاث فتحات متصلة بخراج طوله سنتيمتران، وبعرض سنتيمترين، وبعمق سنتيمترين اثنين أيضاً. وقام الفريق الطبي بإجراء الترميم من خلال إغلاق الجرح كاملاً برقعة سميكة من جلد المريض، والأنسجة الدهنية التي تحته من المنطقة المحيطة بالناسور، وتحريكها لملء الفجوة التي نتجت عن استئصال الناسور، وتم إغلاق الجرح كاملاً، ونجحت العملية.
وأوضحت الوزارة، أن ألم العصعص ألم في أسفل الظهر يصيب المنطقة حول العظم الأخير من قاعدة العمود الفقري المعروفة باسم (العصعص)، وتظهر مع ألم شديد أسفل الساقين وشعور بالألم قبل أو أثناء الإخراج، أو أثناء الجماع وفي الردفين والوركين، وتزداد عند النساء أثناء الدورة الشهرية، وقد يسبب الألم صعوبة النوم أثناء الليل، وأن آلامه تراوح بين الخفيفة والشديدة تزيد عند الجلوس، خصوصاً عند الميل إلى الخلف، وقد يتحمل بعض الأشخاص الجلوس بنفس الوضعية لبضع دقائق فقط قبل أن يضطر إلى التحرك لتخفيف الألم.
وقالت وزارة الصحة: إن الوقوف على حالة المريض الصحية يحتاج إلى إجراء المزيد من الاختبارات مثل إجراء صورتين بالأشعة السينية واحدة بوضعية الجلوس والأخرى بوضعية الوقوف ومقارنة لمعرفة ما إذا كان العصعص يتحرك بشكل زائد عن المعدل الطبيعي عند الجلوس أو الوقوف، فيما يكون التصوير بالرنين المغناطيسي للتأكد من وجود إصابات بحالات أخرى مثل عدوى العظام أو سرطان العظام، وأيضا يستفاد من صور الأشعة في التأكد من عدم إصابة المريض بكسر في أحد العظام التي تشكل العصب.