منذ مؤتمر مدريد للسلام توالت الفرص التي ضاعت هباء ولم يتم استغلالها، ولكننا اليوم أمام فرصة حقيقية لصنع السلام بالرغم من قتامة المشهد من الناحية الأمنية والسياسية وخصوصاً بسبب طبيعة النظام السياسي في إسرائيل، الذي لم يثر حنق الفلسطينيين وحسب، بل إن كثيراً من الإسرائيليين باتوا يرون فيه تهديداً خطيراً على دولتهم، ومع ذلك فإن هناك في المنطقة قادة ينظرون إلى واقع المنطقة برؤية مختلفة، ولديهم الرغبة والإرادة والقدرة لنسج خيوط السلام، قادة يفعلون أكثر مما يتحدثون وعلى رأس هؤلاء ولي العهد في المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان. سمو الأمير يحمل مشروعاً لا يقتصر على المملكة بل يشمل المنطقة برمتها، مشروعاً تنموياً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وسياحياً، وسموه حريص على جلب الأمن والاستقرار إلى المنطقة برمتها، وبالفعل استطاع وخلال فترة وجيزة أن يغيّر وجه الشرق الأوسط ابتداء من قمة العلا وترتيب البيت الخليجي والقمة العربية الأخيرة التي ساهمت بترتيب البيت العربي، ثم فتح الأبواب المغلقة مع طهران، ومد جسور التعاون شرقاً وغرباً وآخرها كان البحث عن رؤية دولية لإيجاد مخرج للحرب الروسية الأوكرانية.
السلام الحقيقي بحاجة إلى طرفين فإذا كان الفلسطينيون لديهم تلك القيادة الراغبة بالسلام وهناك قيادة عربية قادرة على الفعل وشخصية كاريزماتية كالأمير محمد بن سلمان فإن هذه فرصة عظيمة قد لا تتكرر، وهذا الخطاب لا يوجه فقط إلى تل أبيب، بل هو أيضاً إلى واشنطن، التي لديها الوسائل والإمكانات للمشاركة الفعالة في صنع سلام الشجعان المنشود.