وباستخدام فئران المختبر؛ طوّر سنكلير وفريقه طريقة لإعادة تشغيل الخلية، بحيث تقوم بإعادة تشغيل النسخة الاحتياطية من توجيهات التخلق المتوالي، ما سيؤدي بالضرورة إلى محو الإشارات المختربة التي تقود الخلايا في طريق الشيخوخة. وحاكوا تأثيرات الشيخوخة على التخلق المتوالي بإدخال فواصل في الحمض النووي الريبي الخاص بفئران صغيرة العمر. وأشار البحث إلى أنه خارج المختبر يمكن أن تحدث التغيرات في التخلق المتوالي بفعل عدد من العوامل؛ منها التدخين، والتعرض للتلوث، والمواد الكيميائية. وحال تشيخ الخلايا بتلك الطريقة، وفي غضون أسابيع، لاحظ سنكلير وأعوانه أن الفئران بدأت تظهر عليها علامات تقدم السن، إذ إن فروها يكتسي شيباً، ويزداد وزن الجزء الأسفل من أجسامها، على رغم أنه لم يتم تغيير نظام تغذيتها، ويتزايد ضعفها. وجاءت عملية إعادة التشغيل من خلال علاج وراثي استخدمت فيه ثلاثة مورثات (جينات) تقوم بتوجيه الخلايا لتقوم بإعادة برمجة نفسها. وفي حالة الفئران المخبرية قادت التوجيهات الخلايا إلى إعادة تشغيل التحورات التخلقية المتوالية التي تحدد هويتها، كخلايا الكلى والبشرة، وهي نوعان من الخلايا القابلة للشيخوخة. وتم أخذ تلك الجينات مما يسمى «عوامل يامانكا للخلايا الجذعية»، التي اكتشفها العالم الحائز على جائزة نوبل شينيا ياماناك في سنة 2006. واكتشف ياماناك أن تلك الخلايا الجذعية -وعددها 4 خلايا- يمكن أن تعيد ضبط الخلايا البالغة إلى وضعها الجنيني بحيث يمكنها أن تبدأ عملية نموها، أو عملية التفاوت من جديد. ولا يريد سنكلير مسح تاريخ التخلق المتوالي الخاص بالخلايا، وإنما الاكتفاء بإعادة تشغيلها بما يكفي لإعادة ضبط توجيهات التخالق المتوالي. وباستخدام ثلاثة من العوامل الأربعة التي اكتشفها العالم ياماناكا نجح سنكلير في إعادة عقارب الساعة البيولوجية إلى الوراء بنسبة 57%، وهي نسبة كافية لإعادة الشباب الى الفئران المخبرية. وقال سنكلير، بحسب تصريحات نشرتها مجلة «تايم» الأمريكية: «نحن لا نقوم بخلق خلايا جذعية، وإنما نعيد عقارب الساعة للوراء بحيث نراها وهي (الخلايا) تستعيد هويتها». وزاد: لقد ذهلت حقاً بكيفية عمل تلك الخلايا. ولم نجد خلية لا نستطيع إعادتها لشبابها أو تسريع شيخوختها. وأوضح سنكلير أن إعادة الشباب لخلايا الفئران شيء.. ولكن هل يمكن أن تنجح تلك الطريقة عند تطبيقها على الإنسان؟ وقال إن تلك هي خطوته المقبلة، وإن فريق معاونيه بدأ -فعلياً- اختبار ذلك النظام في حيوانات ثديية. ويقوم الباحثون بتوصيل تلك الحيوانات بمفتاح تحويل بيولوجي يسمح لهم بتشغيل الساعة البيولوجية ووقفها، من خلال ربط تفعيل خلايا البرمجة بمضاد دوكسيسايكلين الحيوي. وبإعطاء الحيوانات مضاد الدوكسيسايكلين تبدأ عملية عكس الساعة البيولوجية. وبوقف الدواء تتوقف العملية. ويقول سنكلير إنه يقوم حالياً باختبار النظام في المختبر على خلايا عصبية وجلدية وليفية إنسانية.
وكان سنكلير أعلن في سنة 2020 أن العملية التي أخضعت لها الفئران المخبرية أدت إلى إعادة البصر لدى الفئران المسنة. وتشير النتاج الحالية إلى أن ذلك النظام يمكن تطبيقه ليس في غشاء واحد، أو عضو واحد فحسب؛ بل في الحيوان كله. وقال إنه يتوقع أن تكون أمراض العين هي الحالة الأولى التي يمكن اختبارها في الأشخاص لعكس شيخوختهم، بحكم أن بالإمكان حقن العلاج الوراثي في منطقة العين مباشرة. وقال البروفسور سنكلير لمجلة تايم: نحن نعتقد في نظرتنا للعملية التي تتسبب في الشيخوخة والأمراض المتصلة بها أنها قابلة لأن يتم عكسها. وفي حالة العين، هناك اعتقاد خاطئ بأنك يجب أن تعيد نمو أعصاب جديدة. ولكن في بعض الحالات الخلايا الموجودة هي فقط لا تقوم بوظائفها، ولذلك إذا قمت بإعادة تشغيلها فستقوم بدورها. إنها طريقة جديدة للتفكير في الطبابة. ويعني ذلك أن عدداً كبيراً من الأمراض، بما فيها الحالات المزمنة كمرض القلب، وحتى ألزهايمر، تمكن معالجة جانب كبير منها بعكس عملية الشيخوخة التي تؤدي إلى حدوثها. وأشارت «تايم» إلى أن الاختراقات العلمية التي حققها سنكلير تثير، من ناحية أخرى، أسئلة تتعلق بالأخلاقيات الحيوية والمجتمعية.
بكاء على الشباب..
وخوف
من المشيب
أمريكا: 103.58
فرنسا:
39.45
ألمانيا:
37.62
اليابان:
31.60
بريطانيا: 24.24
كولومبيا: 6.35
(«عكاظ»
ويرلدأوميتر
جونز هوبكنز/ نيويورك تايمز- 17/10/2023)
بلجيكا:
4.69
شغل المشيب اهتمام عدد كبير من شعراء العرب في شتى أقطارهم منذ العهد الجاهلي، مروراً بالعصور الإسلامية، انتهاء بالعصر الحاضر. وقال الأصمعي إن أحسن أنماط الشعر المراثي والبكاء على الشباب. ويبكي الشعراء على الشباب؛ لأنهم يتمهون المرأة الجميلة بالنفور من الشياب. قال الشريف الرضي:
والغانياتُ لذي الشبابِ حَبائبُ
وإذا المشيبُ دنا فهُنّ أَعادِي
وذكر أبو العتاهية في إحدى قصائده أن «روائحَ الجنةِ في الشبابِ». وقال أبو تمام يصوّر ردّ فعله على ظهور الشيب في شعر رأسه:
له منظرٌ في العينِ أبيضُ ناصعُ
ولكنّه في القلب أسودُ أسْفَعُ
ويرى نقاد كُثر أن أكثر من بكى على الشباب في شعره هو الشاعر ابن المعتز، الذي طوّر فلسفة خاصة به في التفكّر في شأن الشباب والمشيب. ومن أبياته المعروفة قوله:
قالت وقد راعَها مشيبي
كنتَ ابنَ عمٍّ فصِرتَ عمّاً
وكان يقنع نفسه بأنه مع شيبه كان لا يزال فتياً:
يا هندُ ما شاب فتىً
وإنما شابَ الشَّعرُ
ومما قاله في بُغضِ المشيب:
لو قيل لي اختَرْ عَمَىً وشيباً
أيُّهما شئتَ قلتُ أعمى
ومن شعراء العصور المتأخرة قال الشيخ محمد سعيد العباسي:
فارقتُها والشَّعرُ في لون الدُّجَى
واليومَ عُدتُ به صباحاً مُسْفِرا
سبعون قَصَّرَتِ الخُطى فتركنَنِي
أمشي الهُوينى ظالِعاً مُتَعثِّرا
من بعدِ أنْ كُنتُ الذي يَطَأُ الثَّرى
زَهْواً ويَستهْوِي الحِسَانَ تبخْتُرا
فهل إذا نجحت دراسات استعادة الشباب ستعود مواهب الشعراء إلى عنفوانها الذي كانتْه في نضارة شبابهم؟