•• أعادني سؤالها لأيام خلت حيث طيب النفوس وصفائها، وأيام أتت تلوَّث فيها الوفاء وقَلّ.. زمن قديم كانت وجوهنا خضراء كورقة شجرة من أشجار الجنة.. وزمن حديث تقلَّص فيه ذكر البعض في زاوية العُمر.. الفرق بين الزمنين؛ جعل عيناي سخية بالدمع من أثر سيرة ذوي الوجوه المسودَّة المهترئة الناقضة للوفاء.. أما الحلقة المفقودة؛ فالزمن لا يتغير بل الناس هم من يتغيَّرون.
•• أولئك الجاحدون؛ سرقوا سابقاً أوقاتنا الدافئة، وعبّأوا أيامنا الحالية في أكياس نكران الجميل.. يبلج جحود الواحد منهم كغيمة سوداء ثقيلة تظهر في نهار يشبه ليلاً رمادياً.. من قساوته يقمع الوفاء كعصا يابسة هادرة على فرس عجوز.. اكتسحت روحه موجة غدر أغلقت أوردة عروق دمه وأطفأت إزار قلبه.. مثل هذا؛ استلقى على محفة زمن قصير محسوب عليه ثم تركه بلا أسف.
•• في المقابل؛ هناك جمال أناس بيننا وبينهم ارتداد من التفاني والانسجام.. بيننا تجاذب مضيء كشعاع يعبر نافذة أرواحنا.. يحلِّقون فوقنا بأجنحتهم في الأثير ليمنحونا مفتاحاً إلى السعادة.. يمارسون معنا الطمأنينة والتفاؤل لنتقن الراحة والسكينة.. قلوبهم بيضاء كباقة من زهرة الأُقْحُوان حاصرها الثلج.. يحملون رياحاً تفيض من أرواحهم في شكل محبة.. أولئك الأوفياء العظماء بخواطرنا هم أجمل قطرة في صنبور حياتنا.