وعلى سبيل المثال، فإن الجهل البنيوي هو الأصل وهو كلي الوجود وحاسم الفاعلية أما المعرفة فهي طارئة وجزئية. إن الجهل تلقائي الوجود والهيمنة وبشكل كلي، أما المعرفة الموضوعية فهي طارئة وجزئية وهشة وناقصة وتغمرها أسبقية الجهل، فالجهل البنيوي ليس عدَماً بل هو كيان صلب ومقاوم، فلا بد أن يدرك الناس ذلك وأن يتأهبوا لمجابهة المعركة الضارية مع الجهل البنيوي.
لا يولد الإنسان بعقل جاهز ولا بأية معارف وإنما يولد بقابليات فارغة تتبرمج تلقائياً بما هو سائد في البيئة، فالإنسان كائن ثقافي وليس كائناً عقلانياً، فالتطبع التلقائي هو الأصل، أما التدارك والتصحيح واكتساب الرؤية الموضوعية فهو طارئ ويتسم بالهشاشة والجزئية.
بقدر إدراك الإنسان لأولوية النقائص وبقدر عزمه على مواصلة تقليصها في ذاته يتحقق الخلاص الجزئي، فالكمال محال.