أولاً: تغير الموقف العالمي الداعم تقليدياً لإسرائيل؛ بسبب طبيعة التغطية المنحازة لوسائل الإعلام العالمية، لكن مع إقبال الجمهور بشكل متزايد على استقاء الأخبار مباشرة من أهلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون فلاتر القنوات الإخبارية حصل تحول بالموقف العالمي الشعبي لصالح دعم القضية الفلسطينية، لكنه لا يزال لم يصل إلى المستوى الرسمي، لكنها مسألة وقت قبل أن يحصل ذلك بحكم الأثر التراكمي.
ثانياً: تصاعد التيار اليساري وتلقائياً المجتمعات كلما صارت أكثر رفاهيةً مالت إلى اليسار، وصار لديها نفور من الأنماط اليمينية وحروبها، ولا يعود الفرد مستعداً لخوض عنف الأعمال العسكرية والتضحية بنفسه، وهذا حاصل بإسرائيل على نطاق واسع مع حركات وجماعات رفض الخدمة العسكرية، وتفضيل دخول السجن على أداء الخدمة العسكرية، ولجمعياتهم حسابات بعشرات آلاف المتابعين بمواقع التواصل وكثيرون يفضلون الهجرة إلى أمريكا وأوروبا على عيش نمط الحياة المعسكرة بإسرائيل، وأبرز مثال على هذا التيار هو ضابط القوات الخاصة الإسرائيلية «Miko Pele» ابن جنرال شارك في جميع الحروب ضد العرب وحفيد أحد الموقعين على وثيقة إقامة إسرائيل اعتبر وجوده في إسرائيل غير أخلاقي، رغم أنه ولد بالقدس فهاجر لأمريكا وصار مدافعاً عن الفلسطينيين.
ثالثاً: مع تزايد النزعة الدينية في إسرائيل يزيد التيار الأرثوذكسي/الأصولي المعارض لقيام إسرائيل بناء على الاعتقاد بأن الله هو الذي قضى على اليهود بأن يتفرقوا في الأمم وينتظروا عودة المسيح ليقيم لهم الدولة، وأي إقامة لدولة قبل ذلك يعتبرونه عصياناً لأمر وإرادة الله ويؤخر عنهم مجيء المسيح الموعود، مثل حركة «ناطوري كارتا» واتباع التيار الأرثوذكسي لا يؤدون الخدمة العسكرية ويتظاهرون باستمرار ضد السياسات الإسرائيلية التي يعتبرونها مخالفة للشريعة اليهودية.
رابعاً: التذويب الثقافي العربي، وهذا يتطلب جعل منتجات الثقافة العربية والإسلامية جذابة، وتنشيط المبادرات المساعدة على نشر الأثر الثقافي العربي بالثقافة العامة والترفيهية في إسرائيل، فمشكلة إسرائيل هي أنها جسم غريب ثقافياً عن المنطقة وتعامل الفلسطينيين والعرب من هذا المنطلق، لكن لو حصل غزو ثقافي عربي لإسرائيل فستتغير السياسات الإسرائيلية بتغير الشعور العام تجاه أهل المنطقة، وهذا يرجعنا لمعضلة ضعف منتجات الثقافة العربية وعدم جاذبيتها، فعندما كانت الثقافة العربية والإسلامية جذابة بالعصور الوسطى اعتنقها الغزاة كالمغول والتتار بعد أن كادوا يبيدون أهلها، وصار الغزاة المغول بعد اعتناقهم لها من أكبر القوى التي جددت الحضارة الإسلامية وساهمت بنشرها، حتى الغزاة الصليبيون لم يمكنهم مقاومة أثر جاذبية الثقافة العربية كما حصل مع حركة «فرسان الهيكل» المكونة من الرهبان والقساوسة المسيحيين الذي تطوعوا للقتال بالحملات الصليبية، حيث تم إعدام زعيمها وعدد كبير من أتباعها بتهم تتعلق بالتأثر بالثقافة العربية والإسلامية التي كانت تعتبر تجديفاً أي زندقة موجبة للإعدام حرقاً، وبلدان مثل الهند ومالطا من جاذبية الثقافة العربية بالعصور الوسطى صارت غالبية لغاتها مستقاة من اللغة العربية رغم أنهم بقوا على أديانهم ولم يعتنقوا الإسلام، وأكبر تجمع للمسلمين عالمياً هو في أفريقيا وشرق آسيا التي انتشر فيها الإسلام بالجاذبية الثقافية فقط دون أي حملات حربية، أما العمليات ضد إسرائيل فهي فقط تستجلب على الفلسطينيين ويلات ردة الفعل الانتقامية دون أي فائدة واقعية، ولهذا السبب للشيخ الألباني فتوى معارضة للعمليات ضد إسرائيل.