أكد الشيخ محمد بن حميد القاسمي، رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية في الشارقة، أن البيانات ثروة مركزية كبرى تساوي الثروات المادية الأخرى، بل تتفوق على كثير منها، خصوصاً في ظل تطور التقنيات التي جعلت المتغيرات في هذه المرحلة تتم بطريقة سريعة جداً، أكثر مما كانت عليه في السابق، وصار من الضروري أن تواكب الحكومات والمؤسسات والهيئات المعنية هذا التسارع، وأن تستثمر البيانات في قيادة وتوجيه الاقتصاد والحراك الاجتماعي والثقافي بشكل يخدم الطموحات المستقبلية للمجتمعات، في وقت تمثّل فيه البيانات الطريقة المثلى لفهم التحولات الشاملة ورصد عناصرها والتأثير فيها، إلى جانب دورها في توفير الاحتياجات الاجتماعية وتنمية الاقتصاد، ودعم الثقافة والعلوم بالخطط الواضحة القائمة على المعرفة الدقيقة.
وذكر أن التطور في سرعة حركة الحياة تزامن مع تطور كبير في إنتاج البيانات. فوفقاً للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، فإن 90% من البيانات في العالم أُنشئت في عامي 2020-2021، وكمية البيانات التي تُنتَج كل يوم أكبر بمقدار 2500 مرة من البيانات المحفوظة في المكتبة البريطانية، وهو ما جعل البيانات اقتصاداً قائماً بذاته، بلغت قيمته في عام 2020 نحو 70.5 مليار دولار. ومن المتوقع أن يصل إلى 243.4 مليار دولار بحلول عام 2027 على مستوى العالم، وإلى تسعة مليارات درهم في عام 2028 في دولة الإمارات.
وقال إن دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية ستنظم يومي التاسع و10 أكتوبر المقبل «المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية»، الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة، ويتناول أهمية البيانات وتأثيرها في تحويل خطط التنمية الاجتماعية المستدامة إلى واقع ملموس، بهدف ابتكار منظومة فعالة لتوظيف البيانات واستثمارها في عملية اتخاذ القرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وتحسين كفاءة الأعمال والمؤسسات، كما يهدف إلى تنظيم قطاع البيانات من حيث التشريعات والقوانين، وترسيخ أسس حوكمة رشيدة لضمان استخدام هذه الثروة بالطريقة التي تخدم الفرد والمجتمعات بشكل عام.
وأوضح القاسمي أنه على صعيد الأعمال، تشكّل البيانات العامل الرئيس في تحليل السوق والمخاطر وفهم العملاء وتوجهات الاقتصاد. ويشير تقرير «KPMG Global Tech» لعام 2023 إلى أن الشركات التي تستثمر في البيانات وتمتلك آليات متطورة لتحليلها، تحقق زيادة في الربحية والأداء بنسبة 11% على الأقل.
أما على صعيد الهيئات والمؤسسات الحكومية التي تقدم خدماتها للمجتمع، فتسهم البيانات في رفع مستوى قدرتها على اتخاذ القرار لنسبة تصل إلى 69%، وتحسين العمليات التشغيلية بنسبة 54%، وفهم أفضل للعملاء بنسبة 52%.
وتابع: «الأمر ذاته ينطبق على المؤسسات الأكاديمية ومؤسسات الرعاية الصحية. فمن خلال توظيف واستثمار البيانات تستطيع الجامعات والمدارس أن ترصد نسبة الزيادة في الطلبة، وتحدد احتياجات السوق من المهارات والخبرات، وترتقي بجودة المناهج الدراسية». وفي ما يتعلق بالمؤسسات الصحية، يمكنها قياس فاعلية العلاج ورصد الزيادة أو الانحسار في الأمراض وتطوير تقنيات العلاج، وتعميم ثقافة الوقاية المجتمعية، بالتعاون مع الهيئات المعنية. ويشير التقرير ذاته إلى أن المؤسسات التي يمكنها قياس عملياتها بالبيانات، تحقق زيادة في الإيرادات بنسبة 8% في المتوسط، وخفض التكاليف بنسبة 10%.
واعتبر أن البيانات هي البوصلة الأكثر مصداقية وموثوقية لوضع ورسم الخطط المستقبلية للمجتمعات، ولا يمكن للتطور أن يكون منتظماً مرتباً ومستداماً من دونها، بل سيصبح عشوائياً وبلا ملامح، لافتاً إلى أن تقريراً صدر عن المعهد الدولي للبيئة والتنمية في عام 2020 يوضح أنه بحلول عام 2050، سيعيش نحو 68% من السكان في المراكز الحضرية، أي أن هناك مئات الملايين سيضافون إلى سكان المدن، ولا يمكن تغطية احتياجاتهم من الماء والغذاء والكهرباء والمواصلات والمراكز والمرافق المدنية والمدارس والجامعات والمراكز الشرطية وغيرها، دون أن نسبب ضغطاً على الموارد، إلا بالبيانات التي تسمح لنا بقياس نسب التوسع وحساب الاحتياجات.