حذر أطباء من ثمانية مخاطر صحية نتيجة لتجمعات المياه بعد هطول الأمطار التي شهدتها الدولة على مدار اليومين الماضيين، مؤكدين ضرورة التزام الإجراءات الوقائية التي تصدرها الجهات المعنية، مشددين على ضرورة منع الأطفال من اللعب والنزول في المياه الراكدة بين الأحياء السكنية.
وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن تلك المخاطر تشمل «نمو البكتيريا والفطريات، ما يزيد من احتمالية انتقال العدوى التي ينقلها البعوض، والتهابات وتهيج وحساسية جلدية، وازدياد حالات نزلات البرد، والالتهابات الصدرية، وتهيج الشعب الهوائية، وتفاقم حالات الربو، وحساسية الصدر، وحوادث السير»، مشددين على أهمية اتخاذ التدابير الوقائية وعدم التهاون بالأعراض المبكرة.
وحددوا ست فئات من الأفراد أكثر تضرراً من تجمعات مياه الأمطار، تشمل الأطفال، وكبار السن، ومرضى الأمراض المزمنة مثل الربو والرئة والسكري والقلب والضغط، وأصحاب المناعة الضعيفة، والأشخاص الذين يعانون الإكزيما أو جفاف الجلد، والعمال في الهواء الطلق بسبب التعرض المباشر للمياه والبرد والإجهاد البدني.
وأشاروا إلى أن الحد من هذه المخاطر يتطلب اتباع 11 إجراءً وقائياً عاجلاً وعملياً، أبرزها ، تجنب الخروج أثناء الأمطار إلا للضرورة، وعدم المشي أو القيادة في الطرق المغمورة بالمياه، وارتداء أحذية مقاومة للانزلاق.
فيما حذّرت وزارة التغير المناخي والبيئة أفراد المجتمع من مخاطر السباحة في المياه المتجمعة نتيجة الأجواء الماطرة والتقلبات الجوية، مؤكدة أن هذه المياه قد تكون ملوثة، وتشكل خطراً على الصحة العامة، داعية إلى ضرورة توخي الحيطة والحذر، وتجنب ملامسة أو السباحة في تجمعات المياه حفاظاً على سلامة الجميع.
صحة الأفراد
وتفصيلاً، حذّر أخصائي العناية المركزة، الدكتور محمود مدحت أبوموسى، من المخاطر الصحية المصاحبة لهطول الأمطار الغزيرة، مؤكداً أن تأثير الأمطار لا يقتصر على الطرق والبنية التحتية، بل يمتد مباشرة إلى صحة الإنسان.
وأوضح أن أبرز المخاطر تشمل، ارتفاع معدلات العدوى، حيث توفر الرطوبة العالية والمياه الراكدة بيئة مناسبة لنمو البكتيريا والفطريات، والإصابات الجسدية من انزلاق وسقوط وكسور ورضوض، خصوصاً في الممرات غير المهيأة، وحوادث السير نتيجة ضعف الرؤية وانزلاق الطرق وتعطل المركبات، والتي قد تؤدي لإصابات خطرة تستدعي العناية المركزة.
وأشار إلى أن فترات الأمطار تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في مراجعات أقسام الطوارئ، وتشمل الحالات الأكثر شيوعاً: إصابات الحوادث المرورية، السقوط والانزلاق داخل المنازل أو خارجها، نوبات الربو الحادة، ضيق التنفس، إضافة إلى التهابات رئوية لدى كبار السن، مؤكداً أن بعض الحالات تصل متأخرة بسبب صعوبة الوصول، ما يزيد من خطورتها، ويستلزم تدخلاً عاجلاً في العناية المركزة، مشدداً على ضرورة عدم التهاون بالأعراض المبكرة، وطلب المساعدة الطبية دون تأخير.
ولفت إلى أن هناك فئات أكثر عرضة للمضاعفات، تشمل الأطفال، بسبب ضعف المناعة، كبار السن، لسهولة تفاقم أمراض القلب والرئة وصعوبة التوازن، مرضى الأمراض المزمنة مثل الربو، السكري، أمراض القلب وضغط الدم، ومرضى نقص المناعة، إضافة إلى العمال في الهواء الطلق، بسبب تعرّضهم المباشر للمياه والبرد والإجهاد البدني.
ونصح باتباع إجراءات وقائية عاجلة وعملية، منها: تجنب الخروج إلا للضرورة، وعدم المشي أو القيادة في الطرق المغمورة بالمياه، وارتداء أحذية مقاومة للانزلاق، وتجنب ملامسة المياه الراكدة، وتنظيف وتعقيم أي جرح، وغسل اليدين بانتظام وتعقيم الأسطح، والالتزام بالأدوية، وحمل بخاخات الربو وأدوية الطوارئ، ومراقبة الأطفال ومنعهم من اللعب قرب تجمعات المياه، والتأكد من تهوية المنازل لتقليل الرطوبة والعفن.
مضاعفات جلدية
وحذّرت أخصائية أمراض الجلد والتجميل، الدكتورة سارة إياكوفو، من المخاطر الجلدية المرتبطة بالتعرّض لمياه الأمطار أو التجمعات المائية، مؤكدة أن هذه المياه قد تتسبب في مجموعة من المشكلات الصحية إذا لم تُراعَ الإجراءات الوقائية اللازمة.
وأوضحت أن التعرّض المباشر للمطر أو المياه الراكدة قد يؤدي إلى تهيّج الجلد وظهور حالات تحسس والتهابات جلدية، إضافة إلى التهابات بكتيرية سطحية مثل القوباء، والتهابات فطرية خاصة في المناطق الرطبة من الجسم وبين أصابع القدمين، مشيرة إلى أن المياه الراكدة تُعد بيئة خصبة لنمو البكتيريا والفطريات، ما يزيد من احتمالية انتقال العدوى التي ينقلها البعوض، لافتة إلى أن بعض الالتهابات قد تتطور إلى دمامل في حال وجود خدوش أو جروح بالجلد.
وبيّنت أن خطورة هذه العدوى تتضاعف لدى فئات معينة، من بينها الأطفال، وكبار السن، ومرضى السكري، وأصحاب المناعة الضعيفة، إضافة إلى الأشخاص الذين يعانون الإكزيما أو جفاف الجلد، وكذلك من لديهم جروح أو تشققات جلدية.
وشدّدت على أهمية اتباع إجراءات صحية بسيطة بعد ملامسة مياه الأمطار أو المياه الملوثة، تشمل غسل الجلد جيداً بالماء والصابون، وتجفيفه بشكل كامل، وتغيير الملابس الرطبة فوراً، مع استخدام مطهر أو كريم مهدئ خفيف عند وجود أي تهيّج، منبهة إلى ضرورة مراجعة الطبيب في حال استمرار الاحمرار أو الحكة أو ظهور أعراض غير طبيعية.
ودعت إلى تجنب ملامسة المياه الراكدة قدر الإمكان، وارتداء أحذية مقاومة للماء، والحفاظ على ترطيب الجلد للحد من التشققات، وطلب الاستشارة الطبية المبكرة عند الاشتباه في أي التهاب جلدي، حفاظاً على صحة الجلد وسلامة المجتمع.
التغيرات المفاجئة
وأكد أستاذ أمراض الجهاز التنفسي واستشاري أمراض الرئة، الدكتور حسن عارف شبانة، أن التغيرات المفاجئة في الطقس، وارتفاع الرطوبة بعد الأمطار، قد تكون محفزاً مباشراً لنوبات الربو وحساسية الصدر، موضحاً أن هذه الظروف الجوية تسهم في زيادة المهيجات في الهواء مثل الغبار وحبوب اللقاح والعفن، ما يستدعي الحذر والتزام الإجراءات الوقائية، خصوصاً لدى كبار السن ومرضى الجهاز التنفسي.
وأضاف أن الأمطار لا تؤثر في المشهد من حولنا فحسب، بل تؤثر أيضاً في الجسم، حيث قد تظهر تحديات صحية صامتة على هيئة سعال أو ضيق في التنفس أو شعور بثقل في الصدر، خصوصاً لدى من يعانون الربو أو حساسية الصدر.
وأشار إلى أن الرطوبة المرتفعة والبرودة التي تلي الأمطار تؤدي إلى تهيّج الشعب الهوائية، إذ تزيد من تركيز الغبار الدقيق ونمو العفن في الهواء، ما يجعل الممرات التنفسية أكثر حساسية ويؤدي إلى تفاقم أعراض الربو والحساسية مثل السعال المستمر والصفير وضيق النفس، خاصة في ساعات الصباح الباكر والمساء.
ولفت إلى أن تأثيرات الطقس الماطر تمتد لتشمل التهابات الجهاز التنفسي، حيث يميل الناس للبقاء داخل الأماكن المغلقة مع تقليل التهوية، ما يسهل انتقال الفيروسات، كما أن البرودة تضعف الغشاء المخاطي الذي يحمي الجهاز التنفسي، ما يزيد من احتمالية الإصابة بنزلات البرد والتهابات الصدر.
وحذّر من أن الهواء بعد المطر قد يحتوي على مهيجات تنفسية مثل الغبار المعاد تعليقه، الرذاذ المتطاير من الطرقات الرطبة، وحبوب اللقاح المنبعثة من النباتات، إضافة إلى الروائح الناتجة عن تجمع المياه، ما قد يؤدي إلى نوبات سعال أو ضيق في التنفس عند الخروج دون حماية كافية.
وأشار إلى أن هناك علامات تستدعي مراجعة الطبيب فوراً، مثل ضيق النفس الشديد أو المستمر، صفير واضح في الصدر، ازدياد السعال المصحوب ببلغم داكن، ارتفاع درجة الحرارة، ألم في الصدر، أو الحاجة المتكررة لاستخدام بخاخات الإنقاذ دون تحسن.
وأوصى مرضى الربو وكبار السن بالتزام العلاج الموصوف، وتجنب الخروج في أوقات الرطوبة العالية قدر الإمكان، وارتداء الكمامة عند الخروج، وتهوية المنزل بشكل منتظم، والحصول على لقاح الإنفلونزا، وتقليل المجهود البدني في الطقس البارد، للحفاظ على صحة الجهاز التنفسي والوقاية من المضاعفات.
