تبنّى المجلس الوطني الاتحادي، برئاسة صقر غباش، رئيس المجلس، خلال جلسته الثالثة من دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الـ18، التي عقدها أمس، في أبوظبي، ست توصيات لتطوير سياسة الحكومة بشأن الذكاء الاصطناعي.
وأكدت التوصيات أهمية العمل على مراجعة التشريعات ذات العلاقة بالجوانب التقنية وحماية البيانات لتستوعب مفهوم الذكاء الاصطناعي والتطورات التي يشهدها، وإيجاد تشريع ينظم حوكمة البيانات الحكومية، من حيث التصنيف والتخزين والتبادل والخصوصية والاستفادة المثلى من البيانات المتوافرة لدى مزودي البيانات، بما يحقق التوازن بين عملية نشر وتبادل المعلومات، والحفاظ على سريتها وخصوصيتها، وإيجاد منصة موحدة لمشاركة البيانات المفتوحة بين المؤسسات الحكومية والخاصة.
وتضمنت التوصيات تمكين رواد الأعمال والشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال توفير التمويل والمساعدة على التسويق والدعم الفني، وتعزيز شراكات قوية بين القطاعين العام والخاص للبحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، ما سيؤثر إيجاباً في تنفيذ مخرجات استراتيجية الذكاء الاصطناعي، وموقع الدولة في تقرير الذكاء الاصطناعي العالمي، وتطبيق مؤشرات قياس جودة الخدمات الحكومية المقدمة والمعتمدة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي لقياس كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين، وقرر المجلس إعادة التوصيات إلى لجنة شؤون التقنية والطاقة والثروة المعدنية والمرافق العامة، لإعادة صياغتها وفق مناقشات السادة الأعضاء وأعادتها للمجلس للموافقة عليها ورفعها إلى الحكومة.
واستعرض وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، عمر بن سلطان العلماء، مراحل استراتيجية الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي الحكومي في دولة الإمارات، مشيراً أن جهود الدولة انطلقت منذ عام 2002، وقطعت شوطاً كبيراً إلى أن وصلنا إلى عام 2017، والإمارات من أكثر الدول استعداداً لهذا الملف تهتم بعدد من الملفات، أبرزها تمكين المواطن، وبدأت بإطلاق الحكومة الإلكترونية ومبادرة التحول الذكي وإطلاق استراتيجية الذكاء الاصطناعي.
وأضاف أنه يتم تنفيذ استراتيجية الذكاء الاصطناعي من خلال ثمانية أهداف تعمل على ثلاث ركائز أساسية، يتم تنفيذها من خلال ثلاث مراحل هي بناء أساس قوي للذكاء الاصطناعي، وتبني أنشطة ومبادرات الذكاء الاصطناعي، وقيادة القطاع عالمياً، وكل مرحلة مدتها من ثلاث إلى أربع سنوات.
وقال إن المرحلة الأولى كانت استقطاب وتدريب المواهب على الوظائف المستقبلية التي سيمكنها الذكاء الاصطناعي، وبرنامج تدريبي متخصص يديره البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات، بالتعاون مع جامعة أكسفورد، مضيفاً أن البرنامج يستهدف موظفي حكومة دولة الإمارات وموظفي القطاع الخاص والمقيمين في الدولة، ويهدف إلى تمكين المسؤولين ومساعدتهم على معرفة وكسب المهارات اللازمة للإسهام في رحلة دولة الإمارات نحو تحقيق أهداف رؤية الإمارات 2071.
وفي رده على مداخلة، لرئيسة لجنة شؤون التقنية والطاقة والثروة المعدنية والمرافق العامة، الدكتورة نضال محمد الطنيجي، حول مدى الحاجة إلى نظام تشريعي متكامل ينظم الذكاء الاصطناعي، أكد أهمية الإسراع في إصدار اللوائح التنفيذية لقانون حماية البيانات الشخصية لعام 2021، لافتاً إلى أنه تم العمل مع وزارة العدل على دراسة شاملة ومراجعة القوانين الحالية المتعلقة بالجرائم الإلكترونية.
وقال العلماء: «نعمل بشكل مستمر على أن يكون للمواطن نصيب كبير في هذه الاستثمارات، ونعمل مع وزارة المالية ووزارة الاقتصاد لدراسة وتقييم إمكانية تقديم حوافز ضريبية للشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، ما يعزز من تنافسية الإمارات، في الوقت الذي تستقطب فيه الدولة أكثر من 45% من الرأسمال المخاطر في مجال الاقتصاد الرقمي في المنطقة، كونها دولة متقدمة في هذا المجال، ونطمح دائماً لزيادة هذه النسبة».
وأضاف: «نعمل على إنشاء صندوق للاستثمار في تأهيل وتمكين كوادر مواطنة في مجال الذكاء الاصطناعي.. وهناك تشريعات تم وضعها لحماية المواطن في الوظائف المختلفة».
وفي رده على مداخلة هلال محمد الكعبي، عضو اللجنة، حول الآليات الموضوعة والمعتمدة لدى الحكومة بما يضمن سلامة استخدام الذكاء الاصطناعي، قال العلماء: «نعمل بالتنسيق مع وزارة العدل على وضع الأطر اللازمة لتفعيل منظومة للتأكد من استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي. ورأينا أن العديد من الدول تعمل على تطبيق أطر لاستخدام الذكاء بشكل أخلاقي بوضع الدلائل أو منصات يمكن للشركة أو الشخص الدخول عليها لرؤية إذا كان هذا الاستخدام أخلاقياً أو غير أخلاقي، وفي حال كان الاستخدام غير الأخلاقي وتم ارتكاب جريمة، هناك اعتبارات قانونية، وهناك أيضاً عقوبات قانونية يخضع لها الشخص أو الشركة العاملة على هذا التطبيق».
كما أشار في رده على مداخلة عضو المجلس، وليد علي فلاح المنصوري، حول وضع ضوابط للشركات التي تقدم خدمات الذكاء الاصطناعي، من حيث دقة المعلومات وما يتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا، إلى أن الدولة تسعى إلى تطوير نظم ذكاء اصطناعي ضخمة، وهناك مبادرات دولية للاستثمار في الدولة، وهذا يسهم في جعل الدولة قادرة على وضع بعض الاشتراطات اللازمة على الشركات مقارنة بالدول الأخرى، مشيراً إلى أهمية الموازنة في التشريعات في حالة المقارنة العالمية.
ولفت إلى أن الوزارة تعمل على تطوير ستة قطاعات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي، تشمل الطاقة والبنية التحتية والنقل والسياحة والصحة والأمن السيبراني، وفي الفترة الأخيرة، وخلال الفترة المقبلة ستكون هناك مضاعفة للجهود وإنجاز أكبر وهي استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي.
وعن وضع الذكاء الاصطناعي في التعامل مع المناهج في التعليم، أشار إلى أنه تم العمل في سنة 2017 على وضع الذكاء الاصطناعي في المناهج، ولكن رأينا أن هناك تطوراً مستمراً، واليوم نرى أن الاهتمام في النظم اللغوية الضخمة، وهناك مراجعة شاملة على وضع المناهج المحدثة في استخدام الذكاء الاصطناعي.
وقال: «كما نعمل مع مجلس التعليم على ضمان الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم، خاصة أن هناك تحديات عالمية تواجه هذا الأمر، ولابد أن يكون تطبيقه في التعليم جاهزاً ويجب أن يكون معروفاً لدى الطالب والمعلم، مشيراً إلى أن الميزانيات موجودة ومرصودة وهناك توجيه للعمل على مبادرة على مستوى الدولة لتفعيل استخدام الذكاء الاصطناعي لمختلف فئات المجتمع ونعمل حالياً على رصد الميزانية ورفعها لمجلس الوزراء.
وحول تساءل الدكتورة سدرة راشد المنصوري، عن إجراءات حماية الأطفال من المحتوى المخل، وعن استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز العملية التعليمية أجاب عمر سلطان العلماء: «نعمل مع مجلس جودة الحياة الرقمية والاتصالات على تقنين وضع تنظيم لهذه الظاهرة، وعملنا مع شركات رقمية على الحد من الظواهر التي تروج للمحتوى المخل وفي أي منصات والنتائج إيجابية، وكان هناك تعاون مع مختلف هذه الجهات».
وفيما يخص تأهيل الموطنين، أكد أن هناك تشريعات تم وضعها لحماية المواطن في الوظائف المختلفة، وهي سياسات سارية وتطبق في قطاع الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى وجود كفاءات وطنية نفتخر بها في هذا الملف، وهم من الكوادر الشابة، وعملنا على العديد من البرامج منها برنامج مع هيئة الخدمة الوطنية الاحتياطية في القوات المسلحة، من خلال تدريب بعض الخريجين، وحصل بعضهم على مناصب في الشركات الوطنية، وعملنا على تمكين الإماراتيين وإكسابهم مناصب في شركات كبرى، ومنهم من حصل على مناصب دولية، ونطمح أن يكون هناك إماراتيون يقودون الحراك في هذا المجال.
توظيف أصحاب الهمم
أشارت وزيرة تنمية المجتمع، شما بنت سهيل المزروعي، «في رد كتابي» على سؤال حول أصحاب الهمم، بعد الانتهاء من الدراسة في مراكز تأهيل أصحاب الهمم، إلى إطلاق وزارة تنمية المجتمع منصة توظيف أصحاب الهمم، التي تقوم على التنسيق مع مختلف الجهات الحكومية وغيرها، للإعلان عن الشواغر المتوافرة عبر المنصة، لإتاحة الفرصة لأصحاب الهمم الباحثين عن عمل للتسجيل فيها، لضمان توافق المؤهلات والمهارات مع الوظائف المتوافرة، مؤكدة أن الوزارة تمكنت من خلال تلك المنصة من توظيف 359 شخصاً، ومتابعتهم في بيئات العمل، خصوصاً في بدايات عملية التشغيل من أجل ضمان تكيفهم الوظيفي واستقرارهم المهني.
ولفتت إلى إبرام الوزارة مذكرات تفاهم في عام 2023 وعام 2024 مع جهات مختصة بتدريب وتوظيف أصحاب الهمم، حيث قامت بتدريب 60 شخصاً باحثاً عن عمل، وتوظيف 34 شخصاً آخرين، كما عملت الوزارة، بالتعاون مع مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية (نافس)، على إصدار مجموعة من الأدلة الاسترشادية لتوظيف أصحاب الهمم.
وحدة جديدة للكشف عن «التوحد»
أكدت وزيرة تنمية المجتمع، شما بنت سهيل المزروعي، «في ردّ كتابي» على سؤال حول تطوير وزيادة مراكز الرعاية الحكومية لأطفال التوحد بالدولة، أن وزارة تنمية المجتمع تبذل جهوداً كبيرة للكشف المبكر عن الأطفال ذوي الإعاقة والتأخر النمائي، بمن فيهم ذوو التوحد في السنوات الأولى من العمر، وأوضحت الوزيرة أن الوزارة أنشأت عام 2015 مركز أم القيوين للتوحد، الذي يقدم خدماته حالياً لـ114 طفلاً وأسرهم في إمارة أم القيوين وعجمان والشارقة، إضافة عن أقسام التوحد المنضوية تحت مظلة مراكز أصحاب الهمم المنتشرة في دبي، وعجمان، ورأس الخيمة والفجيرة، ودبا الفجيرة، التي تقدم خدماتها المتكاملة لـ684 طفلاً مشخصين بالتوحد، و273 طفلاً أعمارهم دون السادسة.
وأضافت «تعمل الوزارة على إعداد المسوحات النمائية للأطفال المسجلين بصفة مستمرة، بهدف الكشف المبكر، إلى جانب التقييم الشامل والتدخل المبكر لحالات التأخر النمائي، والإعاقات والمعرضين لخطر الإعاقة»، مشيرة إلى أن الوزارة قدمت الدعم والتوجيه لذوي وأسر الأطفال، لتحسين جودة حياتهم ودعم نموهم الطبيعي لبناء جيل صحي وسليم، وبلغ عدد المستفيدين حتى نهاية شهر أكتوبر الماضي 150 طفلاً بمشاركة ذويهم وأسرهم.
وكشفت أن الوزارة ضمن خطتها الاستراتيجية في عام 2025، ضمن مشروعها التحولي للتدخل المبكر، عن افتتاح وحدة تدخل مبكر جديدة في إمارة أم القيوين لتخدم المنطقة والمناطق المجاورة لها، بهدف الكشف المبكر عن الأطفال ذوي التوحد، وتقديم الخدمات المبتكرة، وتقديم التوجيه اللازم والبرامج التدريبية لذويهم وأسرهم.