نظم مركز محمد بن راشد لإعداد القادة، جلسة نقاشية ضمن ورش العمل التدريبية لمنتسبي «برنامج قيادات دبي الاقتصادية»، الذي دشنه سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف إكسابهم مهارات حيوية تؤهلهم لقيادة القطاعات الحيوية في دبي، بما يدعم مستهدفات «أجندة دبي الاقتصادية D33».
واستضافت الجلسة النقاشية، محافظ مركز دبي المالي العالمي، عيسى كاظم، الذي استعرض التجربة التنموية لدبي، وحدد ثلاث استراتيجيات رئيسة رسخت على مدى سنوات، المكانة الاقتصادية الريادية لدبي، مشيراً إلى أن اقتصاد دبي قام على تبني مبدأ الاقتصاد الحر، وإعطاء الحرية الكاملة لآليات السوق، في وقت بدأ فيه التجار ومنذ عام 1894، في التوجه إلى دبي، لتأسيس تجارتهم.
وتابع: «حرصت دبي منذ البداية على توفير الحرية الاقتصادية الكاملة للتجار، وخفض أو إلغاء الرسوم الجمركية، الأمر الذي أسهم في استقطاب التجار، وساعد على تطوير أسواق الاستيراد والتصدير».
ولفت كاظم إلى أن الاستراتيجية الثانية تتمثل في توظيف جميع الموارد المتاحة، سواء المالية أو البشرية، لتشييد البنية التحتية الجاذبة، التي تشمل الأنظمة والقوانين المنظمة لقطاع التجارة منذ عام 1955، منوهاً بأن دبي عملت في مرحلة مبكرة على توفير البنية التحتية المناسبة لعمليات الاستيراد والتصدير وشحن وتفريغ البضائع، معتمدة في ذلك على «خور دبي».
وأوضح: «كان مشروع زيادة عمق (خور دبي) والتوسع فيه لتتمكن السفن الكبيرة من الدخول، والذي تم الانتهاء منه في عام 1960، أول المشروعات التي فكرت فيها دبي، وأعدت لها دراسة جدوى بلغت كُلفتها نصف مليون جنيه إسترليني، الأمر الذي سهل دخول السفن الكبيرة، وأسهم في تنشيط حركة التجارة في دبي».
وأكد كاظم أن استثمار دبي الجيد لجميع إيرادات تصدير النفط الذي تم اكتشافه عام 1968، وتصدير أول شحنة منه في 1970، أسهم في تطوير البنية التحتية التي تسهل حركة التجار، ما يجسّد الاستراتيجية الثالثة التي ضمنت للإمارة ريادتها الاقتصادية.
وأضاف: «شيّدت دبي من إيرادات تصدير النفط، ميناء راشد في عام 1972، وميناء جبل علي في عام 1979، ثم المنطقة الحرة في جبل علي في عام 1985».
وأكد محافظ مركز دبي المالي العالمي، أن دبي اعتمدت مبدأ الأثر المضاعف (Multiplier effect) في توجيه استثماراتها، حيث ركزت على الاستثمار في الاقتصاد المحلي، مقابل تطوير محفظة استثمارات خارج الدولة، وذلك اعتماداً على هذا المبدأ، حيث ينتج عن استثمار دولار واحد في الاقتصاد المحلي أربعة دولارات، ما يعني أنه تضاعف لأربع مرات، مشيراً إلى أنه في حال استثمار هذا الدولار خارج الدولة، فإن العائد لا يتجاوز 7% في أفضل الظروف.
وشدد كاظم، خلال الورشة، على أن قادة دبي وضعوا الإمارة منذ القرن الـ19 على المسار الصحيح، نتيجة تركيزهم على تطوير البنية التحتية، وهو ما أسهم في إنجاح مساعي دبي الرامية إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث حققت دبي المركز الأول عالمياً في هذا المجال.
كما تناول محافظ مركز دبي المالي العالمي، خلال الورشة، الدور الذي يلعبه المركز في اقتصاد دولة الإمارات بصفة عامة، وإمارة دبي خاصة، مشيراً إلى أن المناطق الحرة ظهرت بهدف تنويع مصادر الدخل، وتنشيط الاقتصاد، حيث جاء إنشاؤها تلبية للطلب الكبير من قبل مصارف أجنبية على دخول سوق المنطقة، واقتناص الفرص الواعدة في أسواق المنطقة.
وأضاف: «يتكون مركز دبي المالي العالمي من ثلاث سلطات هي: سلطة دبي للخدمات المالية، وسلطة مركز دبي المالي العالمي، ومحاكم مركز دبي المالي العالمي، وقد مر بثلاث مراحل هي مرحلة الإنشاء التي استمرت 10 سنوات، وشهدت استقطاب نحو 1200 شركة بعدد موظفين يبلغ نحو 17 ألف موظف، كما شهدت إنشاء بورصة ناسداك دبي».
وتابع: «تتمثل المرحلة الثانية في إعداد استراتيجية مالية جديدة استهدفت ربط اقتصاد دبي مع الشرق الأقصى (ممر جنوب آسيا)، ومواصلة تعزيز البنية التنظيمية والتحتية، وقد تحققت أهداف هذه المرحلة قبل الموعد المحدد». وأشار إلى أن المركز يعيش الآن المرحلة الثالثة من مراحل نموه، حيث يضم 5500 شركة بعدد موظفين بلغ 41.5 ألف موظف، لافتاً إلى أن المركز يصدر سنوياً تراخيص لنحو 1000 شركة.