قضت المحكمة الابتدائية المدنية في دبي بإلزام شركة بأداء تعويض قدره 200 ألف درهم لموظف اتهمه مالكا الشركة بتزوير عقده لزيادة مستحقاته، لكن المحكمة الجزائية برأته وأثبتت كيدية الشكوى المقدمة ضده.
وأفادت تفاصيل القضية بأن الموظف المدعي أقام دعوى أمام مركز التسوية الودية للمنازعات طلب فيها إلزام مالكي الشركة التي يعمل بها بسداد مبلغ 500 ألف درهم، لمحاولتهما إجباره على التنازل عن مستحقاته العمالية، وتسجيل بلاغ كيدي ضده نتج عنه منعه من السفر، وتعذر اطمئنانه على والدته المريضة، وعدم تمكنه من دفنها في بلاده.
وقال المدعي في بيان دعواه إنه كان من العاملين بالشركة الخاصة بالمدعى عليهما، وأقام دعوى عمالية ضد الشركة مطالباً بمستحقاته، إلا أنه فوجئ بتحريرهما بلاغاً ضده لدى الشرطة، يتهمانه فيه بتزوير عقد عمل يجعل راتبه الأساسي 20 ألف درهم بدلاً من 5000 درهم، وأنه استعمل بطاقة التوقيع الإلكتروني الخاصة بصاحب العمل بغير وجه حق، إضراراً بصاحبها، لافتاً إلى أن البلاغ تحول إلى دعوى جزائية ضده بمحاكم دبي، لكن قضت محكمة الجزاء ببراءته من التهمة المسندة إليه، وأوردت في أسباب حكمها أن الشكوى المقدمة من صاحبي الشركة كيدية، ولم يقصدا منها سوى دفعه للتنازل عن مستحقاته العمالية.
وأضاف المدعي أن ما فعله به المدعى عليهما أصابه بأضرار مادية تمثلت في منعه من السفر لمدة تقدر بتسعة أشهر، وأضرار أدبية تمثلت في تأخر الحالة الصحية لوالدته نتيجة ما وقع عليه من ضغوط نفسية وتأزم أوضاعه الأسرية، وحين توفيت أمه في بلاده لم يتمكن من السفر لدفنها نتيجة منعه من السفر ومروره بضائقة مالية، واضطراره للاستدانة، لتعذر الحصول على عمل بسبب الدعوى الجزائية، وقدم سنداً لدعواه صورة من حكم البراءة.
وبعد تعذر التسوية أمام مركز التسوية الودية للمنازعات أحيلت الدعوى إلى المحكمة الابتدائية في دبي، وحضر ممثل قانوني عن المدعى عليهما وقدم مذكرة طلب في ختامها رفض الدعوى لانتفاء الدليل على صحتها، نظراً لصحة ارتكاب المدعي الجريمة المسندة إليه، وأنهما استخدما حقاً مكفولاً لهما.
وبعد نظر الدعوى أفادت المحكمة في حيثيات حكمها بأن مؤدى نص المادة (106) من قانون المعاملات المدنية أن المشرع وضع مبدأ وجوب الضمان على من استعمل حقه استعمالاً غير مشروع، وحدد أربعة معايير للاستعمال الذي يصدق عليه وصف التعسف: أولاً أن يكون مقصوداً به الإضرار بالغير، وثانياً أن يكون بغرض تحقيق مصلحة غير مشروعة، والثالث أن يترتب على استعمال الحق تحقيق مصالح قليلة الأهمية لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر، والرابع أن يتجاوز الشخص في استعمال حقه ما جرى به العرف والعادة بين الناس.
وأوضحت أن الثابت لديها من الحكم الجنائي أنه أورد بأسبابه أن المدعى عليهما أبلغا الشرطة بتزوير المدعي عقدي تحديث عقد عمل، واستعمال بطاقة توقيع إلكتروني خاصة بالمدعى عليه الثاني إضراراً بمالكها، كما أثبت الحكم عدم اطمئنان المحكمة الجزائية لصدق أقوال المذكورين بشأن عدم علمهما بما قام به المدعي من تعديل في العقد، إذ إنه من غير المتصور عقلاً ولا منطقاً أن يزور المدعي تحديث عقد العمل مرتين بداية من عام 2018 حتى عام 2020 ويتقاضى راتبه وفق هذا التعديل دون أن يكتشف صاحبا الشركة ذلك، ما يقطع بأن اتهامهما له بالتزوير لم يكن إلا بغرض الكيد له لدفعه إلى التنازل عن مستحقاته العمالية.
وأشارت إلى أنه لما كانت الأسباب التي ساقها الحكم الجنائي تتصل اتصالاً لا يقبل التجزئة بمنطوقه، ومفادها نفي التهمة عن المدعي، فمن ثم يتعين على المحكمة المدنية الالتزام بهذا الحكم وإعمال النتائج المترتبة على أسبابه، لاسيما أنه صار باتاً بعدم الطعن عليه خلال المواعيد المقررة.
وتابعت أنه في ظل أن الحكم الجنائي أثبت ركن الخطأ في جانب المدعى عليهما، بما أثبته من كيدية البلاغ المقدم منهما لتحقيق مصلحة غير مشروعة وهي إكراه المدعي على التنازل عن الدعوى العمالية، وكان الثابت للمحكمة المدنية أن هذا الخطأ ترتب عليه حالاً ومباشرة أضرار مادية تمثلت في ما تكبده من نفقات لتوفير الدفاع عنه أمام النيابة العامة والمحكمة، وتعرضه للتدابير الاحترازية المترتبة على البلاغ، فضلاً عما لحق به من أضرار أدبية تمثلت في المساس بشرفه، وما أصابه من حزن وأسى جراء التحقيق والمحاكمة التي تعرض لها؛ تقضي له المحكمة بتعويض 200 ألف درهم، وفائدة قانونية 5%، كما ألزمت المحكمة المدعى عليهما بمصروفات ورسوم الدعوى وأتعاب المحاماة.