قطعت ملازم ثانٍ في شرطة دبي، هيفاء المازمي، آلاف الأميال لرؤية طفل يبتسم، وعملت لساعات طويلة من أجل إعادة تأهيل مدرسة أو تعليم طلبة أو شراء قرطاسية وزي مدرسي لهم، فكل ما تعرفه أن «الإنسانية تبدأ من العطاء».
وقدّمت هيفاء المازمي مثالاً يُحتذى في العمل الإنساني، فخاضت تجارب نوعية أسهمت في ترك بصمة على شفاه الكثير من الأطفال.
والتحقت المازمي بالعمل في شرطة دبي عام 2014 في الإدارة العامة لإسعاد المجتمع ضمن فريق قسم البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وأسهمت من خلال عملها في مجال الرصد الإذاعي في التعامل مع العديد من الشكاوى الواردة عبر برامج البث المباشر في الدولة، والعمل على حلها بالتواصل مع الإدارات المعنية لإسعاد المُتصلين، ما أسهم في أن تنال العديد من شهادات الشكر والثناء.
وبدأت المازمي حياتها المهنية في شرطة دبي كعريف أول، ثم تدرجت في الرتب لتصل إلى رتبة ملازم ثانٍ، وذلك بموازاة دراستها الجامعية في تخصص علم الاجتماع، الذي كان طريقها لدراسة المجتمعات الإنسانية والتعمق فيها.
وتقول المازمي: «ضمن طبيعتي الشخصية، أرغب دائماً في التواصل مع الناس بمختلف شرائحهم ومعرفة أصول الثقافات، لذلك قرّرت دراسة علم الاجتماع، وهنا زاد شغفي بحب التواصل مع الناس من جانب إنساني، لذلك فكرت كثيراً في التطوع لمساعدة الفقراء، لكن لم أكن أجد الطريق لذلك».
وفي عام 2019، كانت المازمي تُطالع إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لتشاهد طلبة جامعيين يزورون إحدى القرى الفقيرة في دولة زنجبار، ويلقون الضوء على حاجة الأهالي إلى ترميم مدرسة القرية، حيث طرحوا فكرة التطوّع لمن يرغب في تقديم المساعدة، لتجد الفرصة وتتواصل معهم، وتبدأ أول رحلة تطوعية إنسانية لها.
وتقول المازمي: «توجهت إلى والدتي وأبلغتها برغبتي في التطوع والسفر إلى زنجبار لمساعدة فقراء إحدى القرى في ترميم المدرسة، فرفضت بشكل قاطع وذلك لأنني فتاة، ولا يمكن أن تسمح لي بالسفر، فأكدت لها أن هناك نحو سبع فتيات سيشاركن في التطوّع معي، لكنها جدّدت الرفض إلا أنه بعد إلحاح وإصرار ومناقشات وافقت على تلبية رغبتي».
وانطلقت المازمي برفقة مجموعة من الطلاب والطالبات الجامعيين إلى زنجبار وتوجهوا إلى قرية بعيدة نائية بواسطة حافلة.
واستمرت المازمي في العمل بصحبة الطلبة الجامعيين لمدة أسبوعين، أسهموا خلالها في ترميم المدرسة بنجاح وإعادة إحيائها، ما كان له الأثر الكبير على مستوى السعادة للطلبة والمدرسين وأهالي القرية.
وفي شهر أغسطس من العام ذاته، اقترح الطلبة الجامعيون التوجه إلى دولة كينيا لمساعدة قرية في ترميم مدرسة.
وانطلقت المازمي مع الطلاب والطالبات، وخاضت أيضاً تجربة صعبة فقد أقامت للمرة الأولى في حياتها داخل خيمة، وعملت بكل جهد لمدة ثلاثة أسابيع في ترميم المدرسة، وقد قضت عيد الأضحى في المنطقة، واحتفت به مع الأهالي والأطفال بعيداً عن أهلها.
وبعد نجاح الرحلة الثانية، توجهت المازمي في رحلتها التطوعية الثالثة، إلى قرية أخرى في زنجبار للعمل على ترميم مدرسة جديدة، واستمر تطوعها ثلاثة أسابيع بسبب إغلاق المطارات نتيجة تداعيات جائحة «كورونا»، فعملت مع المتطوعين بعد الانتهاء من ترميم المدرسة على إطلاق العديد من المبادرات لمساعدة الأهالي.
وفي عام 2023، توجهت الملازم هيفاء المازمي إلى منطقة نيبال، حيث قدمت برفقة طلبة جامعيين مساعدات قرطاسية إلى طلبة مدرسة قرية فقيرة، وأسهمت في تعليمهم اللغة الإنجليزية، وعرفتهم بالثقافة العربية وبدولة الإمارات والزي الخليجي.
وتؤكد المازمي أن التطوع يُعتبر تجربة إنسانية مهمة يجب على كل من يستطيع أن يخوضها، تخصيص وقت لها، فهي تُغني شخصية الإنسان بالمفاهيم والقيم، وتجعله يُدرك مدى النعمة التي أنعم الله بها عليه من الأسرة والعائلة والوطن الحاضن، إلى جانب تعليمنا أن السعادة الحقيقية منبعها «العطاء».