لم يستطع المرشح الرئاسي الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، مقاومة تأثير ضحكة منافسته في الانتخابات كامالا هاريس الشهر الماضي، بعد وقت قصير من ظهورها على مسرح الأحداث كبديل للرئيس الأميركي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية.
وقال ترامب بتجمع حاشد في ميشيغان: «سأسميها كامالا الضاحكة»، ويضيف «هل سبق لكم أن شاهدتموها وهي تضحك؟ إنها مجنونة، قد تقصد الكثير من ضحكتها، لا، إنها مجنونة، إنها مجنونة».
وينصب التركيز مراراً وتكراراً على هاريس الضاحكة التي يمكنها أن تضحك من قلبها على نفسها، وتستخدم الضحكة سلاحاً ضد خصومها السياسيين. وتوضح مؤلفة كتاب «الفكاهة أمر تنفيذي» إيفا أولمان، أنه «لفترة طويلة جداً، ارتبطت الفكاهة في مناصب السلطة بالعدوانية، مثل تلك التي مارسها ترامب».
الخوف الأكبر من الفكاهة بين الأشخاص الذين يشغلون مناصب قيادية تكمن في أنهم لن يؤخذوا على محمل الجد، فهم يخشون أن يجعلوا من أنفسهم أضحوكة، أو أن يتحولوا إلى مهرجين». هذا الخوف من الضحكة السياسية متجذر بعمق في التاريخ البشري.
ويعتقد علماء السلوك أن الضحك كان موجوداً في بداية التواصل البشري، فقد كان البشر في عصور ما قبل التاريخ يضحكون قبل أن يتمكنوا من التحدث.
ويشرح عالم النفس والباحث في مجال الضحك مايكل تيتز، كيف يمكن لضحكة ساخرة قبل مئات الآلاف من السنين أن تتحوّل أيضاً إلى تهديد: «لقد خلق الضحك شعوراً بالقرب والتضامن والرفاهية داخل المجموعات البشرية، ولكن بمجرد أن تلتقي عشيرتان، على سبيل المثال لأنهما كانتا تتقاتلان على أرض صيد، فإن ضحك أحد الطرفين قد يعني أيضاً (لقد هزمونا، وهم يهينونا، ونحن نتعرض للسخرية)، وهذا النوع من السخرية قديم للغاية وكل سياسي يخاف منه». حتى في العصور القديمة، كان الضحك مسيساً. على سبيل المثال، كان الفيلسوف اليوناني أفلاطون يرى أن الضحك يشكل تهديداً للدولة؛ وكان يعتقد أن أولئك الذين يستمتعون بالضحك لم يعودوا قادرين على التفكير العقلاني وسوف يفقدون السلطة.
من ناحية أخرى، كان تلميذه أرسطو يحب الضحك، ويعتقد أن الضحك يميز البشر عن الحيوانات. لايزال الخوف القديم من فقدان السلطة بسبب الضحك – والذي يطلق عليه الخبراء «رهاب الضحك» – يتردد في أذهان كثير من الناس، وإن كان هذا الخوف يختلف اختلافاً كبيراً عبر العالم. وقد توصلت دراسة متعددة الجنسيات أجريت في 73 دولة بتكليف من جامعة زيوريخ في عام 2009، إلى أنه في بعض الثقافات مثل الشرق الأوسط أو آسيا، حيث تُعلَّق أهمية كبيرة على الشرف وحفظ ماء الوجه، يمكن فهم الضحك بشكل مختلف للغاية. ويقول عالم النفس والباحث في الضحك مايكل تيتز: «قد يؤدي الضحك أو السخرية إلى ردود أفعال لا تصدق، بل قد يؤدي إلى اندلاع حروب».
وبالعودة إلى كامالا هاريس: وفقاً لتيتز، يمكنها ببساطة أن تضحك لتتخلص من الجوانب السلبية من ضحك الآخرين: «تتعرض للانتقاد ثم تبدأ في الضحك بحرارة بطريقة تضعف خصومها»، كما يقول. إن طريقة كامالا هاريس المرحة هي أيضاً شكل من أشكال التواصل، فعندما يضحك شخص ما – مثل هاريس – بصوت عالٍ، يفرز الدماغ النواقل العصبية التي تجعلك تشعر بالرضا، وليس من قبيل المصادفة أن يقول المثل: «الضحك هو أفضل دواء»، فالأشخاص المبتهجون جذابون. عن «دويتشه فيليه»
• في بعض الثقافات، مثل الشرق الأوسط أو آسيا، حيث تُعلَّق أهمية كبيرة على الشرف وحفظ ماء الوجه، يمكن فهم الضحك بشكل مختلف للغاية.