أكد سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي للإعلام، أن التطور التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم، والذي طالت تأثيراته مختلف القطاعات، بما في ذلك قطاع الإعلام؛ يأتي مصحوباً بمسؤولية كبيرة عن ضرورة مضاعفة الجهود في الاستعداد الجيد للتعامل بصورة نموذجية مع ما تجلبه التكنولوجيا من فرص وتحديات، وهي الحقيقة التي تنبهت لها دبي منذ وقت مبكر وعملت على إعداد البنى التحتية والكوادر البشرية اللازمة لضمان تحقيق الريادة والتميز بالتوظيف الأمثل للتكنولوجيا في خدمة أهدافنا الاستراتيجية.
جاء ذلك خلال حضور سموه منتدى الإعلام الإماراتي في دورته الثامنة والتي نظمها أمس نادي دبي للصحافة في مقره في وَن سنترال، مركز دبي التجاري العالمي، بمشاركة لفيف من رواد الإعلام المحلي، وقيادات مؤسسات الإعلام الإماراتية ورؤساء تحرير الصحف المحلية وكبار الكُتّاب والمفكرين وصُنّاع الرأي والقائمين على العمل الإعلامي في دولة الإمارات.
وقال سمو رئيس مجلس دبي للإعلام: «نعمل وفق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على ترسيخ قواعد إعلام محلي قوي ومبدع ومواكب للتطور العالمي؛ إيماناً من سموه بقيمة الإعلام وأثره في المجتمع وقدرته على دفع جهود التطوير كشريك مؤثر في مسيرة التنمية».
وأضاف سموه: «الاستثمار في إعداد كادر إعلامي إماراتي واعٍ ومثقف ومُلِم بالتقنيات الحديثة وكيفية توظيفها بأسلوب مهني مبدع لتقديم محتوى متطور، هو لنا أولوية استراتيجية؛ فالتكنولوجيا اليوم تغير وجه العالم وأساليب العمل فيه.. ودبي اليوم تواصل تأكيد مكانتها كشريك في صنع المستقبل بما أسسته من بنية تحتية متطورة وما تمتلكه من خبرات ومقومات تضمن لها الريادة، وعلى إعلامها أن يكون حاضراً وفاعلاً ومؤثراً في تحقيق هذا الهدف».
واستضاف منتدى الإعلام الإماراتي، الذي أقيم تحت رعاية سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، في دورته الثامنة، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد وعضو المجلس الاستشاري لجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، عمر بن سلطان العلماء، ضمن جلسة حوارية ركزت على التطور التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم، والذي أصبح بمثابة العمود الفقري للحياة والقاطرة الرئيسة للتطوير للعديد من القطاعات، بما أحدثه من تغييرات جذرية في مناهج وأساليب العمل والإنتاج، بما في ذلك قطاع الإعلام.
وأكد عمر العلماء خلال الجلسة أن دولة الإمارات العربية المتحدة أعدت العدة لمواكبة هذا التطور وحجزت مكانة متقدمة في ركبه من خلال استثماراتها في بناء وتأسيس البنى التحتية المتطورة، وما عقدته من شراكات مع كبرى الشركات من صُناع التكنولوجيا في العالم، فضلاً عن استثمارها في إعداد الكوادر البشرية المؤهلة للتعامل بصورة إيجابية مع البيئة الجديدة التي خلقتها التكنولوجيا، حيث تبرز النتائج الإيجابية لتلك الجهود في استراتيجيات التحوّل الرقمي التي تتبناها دولة الإمارات، وما أثمرته من إنجازات متميزة منحتها مكانة متقدمة في مؤشرات التنافسية العالمية.
وفي بداية غير تقليدية للجلسة كان القصد منها إظهار إمكانات الذكاء الاصطناعي في مجال تطوير المحتوى، بدأ عمر سلطان العلماء حديثه بعرض فيلم قصير تم تطويره باستخدام الذكاء الاصطناعي ظهرت فيه صورة للرئيس الأمي
ركي السابق دونالد ترامب، صاحبها تسجيل صوتي له وهو يرحب بالحضور ويقدم المتحدث وموضوع الدورة الثامنة لمنتدى الإعلام الإماراتي، ويعرب فيه عن تهنئته لدبي ونادي دبي للصحافة بالتنظيم الجيد للمنتدى وتمنياته له بالتوفيق في مبادراته المقبلة.
وأوضح العلماء أن الثورة التقنية التي يشهدها العالم حالياً جوهرها هو الذكاء الاصطناعي، الذي فتح المجال أمام إمكانات لا نهائية تدعم العديد من القطاعات، منها قطاع الإعلام، مؤكداً أن الفيلم الذي عرضه في مقدمة حديثه ما هو إلا مثال بسيط على الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها الذكاء الاصطناعي في تطوير المحتوى.
وحول استعداد دولة الإمارات لمواكبة الثورة التكنولوجية الهائلة التي يشهدها العالم بتطبيقاتها المختلفة ومن أهمها الذكاء الاصطناعي، أكد وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتقنيات العمل عن بُعد، أن رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، المستشرفة للمستقبل كانت وراء وضع دولة الإمارات أسس استعدادها المبكر للثورة التقنية التي يشهدها العالم حالياً، وقال إن دولة الإمارات استثمرت في تمكين البشر وأعدّت استراتيجية متكاملة للذكاء الاصطناعي قبل التطور الهائل الحالي لهذه التقنية، وحتى قبل تعيين وزير لهذا القطاع الجديد.
وعن تطوير القدرات والطاقات البشرية اللازمة لدعم هذا الملف وريادة عملية تطويره، أوضح عمر العلماء أن دولة الإمارات خرّجت 400 خبير في الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع كبرى الجامعات حول العالم، إيماناً بأهمية العنصر البشري في إدارة التكنولوجيا وتوظيفها بأسلوب يخدم الأهداف الاستراتيجية للدولة.
كما أشار إلى تفضيل أكبر الشركات العالمية المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتطورة دولة الإمارات لإقامة مقارها سواء الإقليمية أو العالمية، في شهادة ثقة على تقدير المجتمع الدولي لدولة الإمارات ومكانتها المتميزة في هذا المجال.
واستعرض عمر العلماء أثر التقنيات الحديثة في تسريع وتيرة التطور الإعلامي، وقال إن أول رسالة إعلامية في التاريخ عرفها البشر قبل أكثر من 30 ألف سنة، وكانت عبارة عن الرسائل المسجلة بالرسوم على جدران الكهوف، واستغرق الأمر آلاف السنين حتى ظهور أول وسيلة لنقل الرسائل باستخدام الحمام الزاجل، وذلك تقريباً في القرن الثامن قبل الميلاد، في حين أن التكنولوجيا اليوم تشهد قفزات تطويرية في فترات زمنية قياسية.
وفي ما يخص تأثير التطور التكنولوجي على سوق العمل، أكد عمر العلماء أن الذكاء الاصطناعي لن يسلب الوظائف وفرص العمل إلا من يفشل في مواكبة التطور التقني، ويحسن توظيفه لرفع كفاءته وتحسين قدراته، وقال إن الذكاء البشري الآن في طريقه للتحول إلى ذكاء مقترن بالذكاء الاصطناعي.
وعن التوقعات حول التأثيرات الاقتصادية المتوقعة لتقنية الذكاء الاصطناعي على مختلف القطاعات حول العالم، قال عمر العلماء إنها تقدر بنحو سبعة تريليونات دولار خلال أقل من 10 أعوام، ما يوضح حجم التأثير الضخم المنتظر لتلك التقنية، وما يستوجبه ذلك من استعداد لها لتحديد أفضل سبل الاستفادة منها خلال المرحلة المقبلة ضمن مختلف القطاعات بما في ذلك القطاع الإعلامي، لاسيما وأن الذكاء الاصطناعي سيسهم في إحداث تغيير كبير في موارد المؤسسات الإعلامية، وساق مثالاً بالإعلانات، وقال إن مؤسسات الإعلام تلجأ حالياً إلى شركات خارجية لتصميم وإعداد وإنتاج الإعلانات، فيما يمكّن الذكاء الاصطناعي المؤسسات الإعلامية من القيام بذلك داخلياً، ما ينعكس بالإيجاب على ميزانياتها.
وحول التأثيرات الإيجابية الممكنة للذكاء الاصطناعي على المحتوى العربي، قال الوزير إن حجم هذا المحتوى لا يتجاوز 3% من إجمالي المحتوى الموجود عالمياً على شبكة الإنترنت حالياً على الرغم من وجود أكثر من 350 مليون شخص ناطق باللغة العربية، مؤكداً أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تتيح زيادة حجم ونوعية المحتوى العربي على الإنترنت، إذ تُمكّن كل شخص من إنتاج محتوى على درجة عالية من التميز بمجرد إدخال أوامر بسيطة وفي ثوانٍ معدودة، لافتاً إلى أن دولة الإمارات ستكون مصدراً رئيساً للمحتوى العربي الجديد على شبكة الإنترنت، نظراً لما تحققه من تقدم مستمر في هذا المجال.
كذلك استعرض وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتقنيات العمل عن بُعد، الاستخدامات المتعددة التي يمكن للمؤسسات الإعلامية الاستفادة منها باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدية (Generative Artificial Intelligence)، منها تطوير وتلخيص وتبسيط المحتوى بمختلف أشكاله دون تدخل بشري أو بتدخل بسيط للغاية، وضرب مثالاً بمقاطع الفيديو والسينما المطورة باستخدام الحاسوب (Computer Generated Images) وقال إنها في السابق كانت تحتاج إلى فرق عمل متخصصة وتجهيزات ضخمة ومعقدة لإنتاج هذه المقاطع، في حين يمكن إنتاجها الآن بمجرد إدخال أوامر بسيطة للغاية على جهاز الهاتف النقال وخلال ثوانٍ معدودة.
وأشار عمر العلماء، خلال المنتدى، إلى أن التقنيات المتطورة ومن أبرزها الذكاء الاصطناعي، ومع الإيجابيات والفرص الكبيرة التي تحملها، فإنها لا تخلو من التحديات.
وقال إن منصة رقمية مثل «يوتيوب» تشهد تحميل 500 ساعة من مقاطع الفيديو كل ساعة، فيما تصل مرات المشاهدة على المنصة إلى مليار مرة مشاهدة يومياً، لافتاً إلى أن هذا المحتوى الضخم يحتاج إلى أطر قانونية تحدده وإلى متابعة دقيقة لما يحمله هذا المحتوى من أفكار من أجل حماية المجتمع وضمان سلامة أفراده لاسيما الشباب والأطفال من أي فكر منحرف أو محتوى ضار.
بدورها، قالت رئيسة نادي دبي للصحافة، منى غانم المرّي، إن «التطور الذي شهدته التقنيات الرقمية في الآونة الأخيرة فاق في عمق تأثيره وسرعة حدوثه التغيرات التي مرت بشبكة الإنترنت وما ارتبط بها من تقنيات على مدار الثلاثين عاماً الماضية».
وأضافت: «على الرغم من التحديات التي قد تصاحب هذا التقدم الهائل في سرعته وأثره، فإنه يأتي ليفتح نوافذ غير مسبوقة تدعم مختلف القطاعات، من بينها الإعلام، بما يتيحه من فرص غير محدودة للإبداع.. وعلينا حسن الاستفادة من تلك المميزات». وأضافت أن «معطيات التطور التقني أصبحت تملي قواعد جديدة للعمل الإعلامي، إذ يجب أن يكون الكادر الإعلامي المتميز على دراية بأحدث وسائل الإعلام الحديثة، وأن يتمتع بالقدرة على استخدامها بشكل فعال وملائم لتقديم محتوى مبدع ومتطور وذي مصداقية لكسب ثقة المتابعين».
وتابعت أن نقاشات المنتدى تركزت على السبل التي يمكن من خلالها الاستعانة بالتقنيات الرقمية المتطورة، لاسيما الذكاء الاصطناعي، في دعم المساعي الرامية لبناء حدود تنافسية جديدة لإعلامنا وفق معايير جودة عالمية في عصر تعيد فيه التكنولوجيا تشكيل ملامح حياة البشر.
ويُعد منتدى الإعلام الإماراتي المنصة الجامعة للقائمين على قطاع الإعلام المحلي في دولة الإمارات، بما يضمه من قنوات تلفزيونية وإذاعية وصحف يومية وإصدارات صحافية، وكذلك المنصات الرقمية المتنوعة، ليكون بذلك التجمع الأكبر من نوعه للقيادات الإعلامية الإماراتية لمناقشة حال القطاع والموضوعات المتعلقة بمستقبل تطويره، والفرص التي يمكن الاستفادة منها للوصول إلى أعلى مستويات كفاءة الأداء وكذلك رصد التحديات التي تواجه القطاع بمختلف مكوناته وأفضل سبل التغلب عليها.
وحول طبيعة الموضوعات المطروحة للنقاش ضمن دورات منتدى الإعلام الإماراتي المتعاقبة، أكدت مدير نادي دبي للصحافة، د. ميثاء بوحميد، حرص المنتدى على أن يكون حاضناً لحوار مهني على قدر كبير من الشمولية والإلمام بمختلف جوانب أهم التطورات التي تشغل بال القائمين على القطاع من خلال استضافة نخبة من المتحدثين على قدر كبير من التخصص، لاستعراض أهم المؤثرات التي يجب الانتباه إليها للاستفادة مما تحمله من فرص، وتجنب ما قد تجلبه من تحديات.
• 7 تريليونات دولار الأثر الاقتصادي المتوقع للذكاء الاصطناعي على مختلف القطاعات العالمية.
أحمد بن محمد:
• «الاستثمار في إعداد كادر إعلامي إماراتي قادر على توظيف التكنولوجيا لتقديم محتوى متطور؛ أولوية استراتيجية».
• «دبي تواصل تأكيد مكانتها كشريك للعالم في صُنع المستقبل.. وعلى إعلامها أن يكون حاضراً وفاعلاً ومؤثراً في تحقيق هذا الهدف».
عمر العلماء:
• «الإمارات وضعت أسس استعدادها المبكر للثورة التقنية التي يشهدها العالم حالياً».
منى المرّي:
• «تطور التقنيات الرقمية في الآونة الأخيرة فاق في سرعته وعمق تأثيره ما مر بشبكة الإنترنت وتقنياتها من مستجدات على مدار الثلاثين عاماً الماضية».
ميثاء بوحميد:
• «المنتدى حريص على أن يكون حاضناً لحوار مهني على قدر كبير من الشمولية للإلمام بأهم التطورات التي تشغل بال القائمين على القطاع».