كشفت دراسة نشرتها الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، أخيراً، أن أبرز السلبيات التي تسبب بها نظام العمل عن بُعد، خلال فترة جائحة (كوفيد-19) على الصعيد الفردي، تمثلت في تنامي خطر الشعور بالعزلة، والعمل ساعات طويلة، وصعوبة التعامل مع تكنولوجيات العمل عن بعد.
وأكدت أن «نجاح جهود تطبيق هذا النظام بعد الجائحة، يبقى مرهوناً بالتصدي لمخاوف الموظفين وحماية مرونة عملهم وإنتاجيتهم».
وتمنح حكومة دولة الإمارات، منذ يناير من العام الماضي، الوزارات والجهات الاتحادية مرونة تطبيق نظام العمل عن بعد، لموظفي الحكومة الاتحادية، في بعض أيام العمل، لاسيما يوم الجمعة، بما يضمن استمرار تقديم الخدمات، وحسن سير العمل في الحكومة الاتحادية أثناء تطبيق نظام العمل عن بعد.
وتفصيلاً، أفادت الدراسة بأن جائحة «كوفيد-19» شكّلت نقطة تحول كبيرة في إشكالية تطبيق نظام العمل عن بعد، بعدما عجزت كبريات الشركات العالمية عن تطبيقه على مدى عقود مضت، لافتة إلى أن إجراءات الإغلاق ومتطلبات التباعد الاجتماعي التي تسببت بها الجائحة، أجبرت الملايين على تطبيق نظام العمل عن بعد، ما أعاد المؤسسات إلى الموازنة بين إيجابيات وسلبيات هذا النظام.
وأوضحت الدراسة، التي أعدتها للهيئة مجموعة «بوسطن» الاستشارية، أن تطبيق نظام العمل عن بعد أثبت فوائد عدة، أبرزها انخفاض كلفة العقارات، والزيادة في الإنتاجية، مدفوعة جزئياً بخفض زمن تنقل العاملين، لافتة إلى أن شركات كبرى مثل «غوغل» و«أوبر» مدّدت فترة العمل بسياسات العمل من المنزل، حتى بعد انتهاء الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها دول العالم بسبب الجائحة، بينما ذهبت بعض الشركات كـ«تويتر» و«فيسبوك» و«هيتاشي» و«كريم» إلى حد الإعلان عن تحوّلها الدائم إلى نظام العمل عن بعد في العديد من الوظائف.
لكن الدراسة رصدت عدداً من السلبيات تسبب بها هذا النظام من الدوام، على الصعيد الفردي بشكل رئيس، كان أبرزها تنامي خطر الشعور بالعزلة، والعمل ساعات طويلة للغاية، وصعوبة التعامل مع تكنولوجيات العمل عن بعد، مشيرة إلى أن هذه التحديات أثرت في مشاركة الموظفين، وإنتاجيتهم، وفي قدرة المؤسسات على الاحتفاظ بموظفيها على المدى الطويل.
وذكرت الدراسة أنه «مع تخفيف القيود المفروضة نتيجة الجائحة، حان الوقت لكي تفكر المؤسسات في مدى فعالية تجاربها في العمل عن بعد، وأن تقرر الاتجاه الذي ستسلكه، لاسيما في ظل وجود خيارات متوافرة أمامها بين احتضان مفهوم العمل عن بعد بالكامل، أو تطبيق العديد من النماذج الهجينة اعتماداً على نوع الوظيفة والموقع وهدف الفريق».
وشددت على أن «أي جهود لتطبيق نظام العمل عن بعد، لن تكلل بالنجاح ما لم تقم الشركات بإعادة التفكير في طرق العمل الأساسية التي تتبعها، وتحويلها، إضافة إلى التصدي لمخاوف الموظفين، وحماية مرونة عملهم وإنتاجيتهم، وهو أمر يجب تطبيقه بشكل خاص على الشركات في الشرق الأوسط، التي تركز طرقها التقليدية في العمل على الخبرات والاتصالات الشخصية».
وقالت الدراسة: «قبل ظهور الجائحة اختبرت شركات كبرى في جميع أنحاء العالم طرق أو أنظمة عمل جديدة، من بينها فرق العمل المدعومة رقمياً، والعمليات المؤتمتة والمستويات الحديثة من السلطة والتمكين، والعمل عن بعد، بهدف المساعدة على حل العديد من مشكلات الأعمال بمفردها، وتبسيط العمليات الداخلية، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية، وتضاعف سرعة الوصول إلى السوق، وانتهت هذه التجارب إلى أن تطبيقها يخفض كلفة المشروع بنسبة 25%، كما تساعد الاستجابات الأسرع لاحتياجات المتعاملين نتيجة هذه الأنظمة في زيادة مستوى رضاهم، بنسبة تصل إلى ثلاثة وحتى أربعة أضعاف، إضافة إلى تأثيراتها على بيئة العمل التي تصبح أكثر مرونة، وتسهم في تحسين الدافع والروح المعنوية لدى الموظفين».
وأضافت: «إدراكاً منها للفوائد المحتملة التي يمكن أن تحققها من خلال ممارسات العمل الجديدة، بدأت العديد من المؤسسات في الشرق الأوسط بالفعل في اتباع هذا المسار، لاسيما أن القوى العاملة المؤسسية في المنطقة تذخر بالكوادر الرقمية الطموحة، ممن هم على درجة عالية من التعليم، والتي ينقصها فقط الاعتياد على هياكل الشركات وعملياتها الهرمية، والحرص على تبني طرق عمل أحدث وأسرع وأكثر تعاوناً، خصوصاً عندما تدعم التكنولوجيا معظم المشروعات ذات الأولوية»، مشددة على أن الشركات العاملة في المنطقة التي تصر على الحفاظ على أساليب العمل القديمة تواجه عوائق كبرى في جذب المواهب الشابة والاحتفاظ بها.
وأفادت الدراسة بأن التجارب الحديثة مع العديد من الشركات الرائدة في منطقة الشرق الأوسط أثبتت بوضوح دور طرق العمل الجديدة في تحسين نتائج الأداء بشكل سريع، ففي السابق كانت فرق الأعمال وتكنولوجيا المعلومات لدى كبريات شركات القطاع الخاص تحتاج إلى مدد تصل إلى ستة أشهر لإطلاق أية مميزات جديدة لتطبيقها مع المتعاملين، لكنهم تمكّنوا في ظل انتهاج أنظمة العمل الجديدة من تقديم ميزات جديدة في غضون أسبوعين من خلال إطلاق نسخ تجريبية لطرق العمل المبتكرة، إضافة إلى تحسن مستويات رضا المتعاملين، حيث قامت الشركات بإشراكهم طوال عملية التطوير.
«تطبيق نظام العمل عن بعد أثبت فوائد عدة، أبرزها انخفاض كلفة العقارات، والزيادة في الإنتاجية».
«الشركات التي تصر على أساليب العمل القديمة تواجه عوائق في جذب المواهب الشابة والاحتفاظ بها».