أعاد المزارع الإماراتي، أحمد الحفيتي، تعريف حدود الزراعة المحلية بعد نجاحه في تهيئة بيئة مناسبة لزراعة نبتة الفانيليا في الفجيرة، على الرغم من حساسيتها الشديدة للحرارة والرطوبة وصعوبة تلقيحها، وقد جاءت هذه الخطوة نتيجة سلسلة تجارب اعتمدت حلولاً مبتكرة لمعالجة شح المياه وارتفاع درجات الحرارة، ما يفتح آفاقاً جديدة أمام الزراعة المتخصصة في الدولة.
وأكد الحفيتي لـ«الإمارات اليوم» أنه استورد عُقل الفانيليا من أوغندا، موطنها الأصلي الذي يتمتع بمناخ معتدل يساعد على نمو هذا النبات المتسلق، وعلى الرغم من اختلاف الظروف المناخية فقد نجح في تطوير بيئة محلية تتوافق مع احتياجات الفانيليا عبر تجارب استندت إلى تكييفها مع أشجار معينة، مثل الموز والبامبو التي تعد داعماً طبيعياً للنبات وتساعد على تحسين جودة إنتاجه.
وأضاف أنه بحث عن أفضل الأنواع ذات السيقان السميكة، لضمان نجاح الإكثار، مشيراً إلى أن «النباتات بدأت تورق فعلياً، وستكون جاهزة خلال الشهرين المقبلين، فيما يتطلب وصولها إلى مرحلة الإنتاج نحو عام كامل، علماً بأن زهورها تحتاج إلى تلقيح يدوي دقيق».
وأكد أن إدخال زراعة الفانيليا إلى الإمارات يمثل فرصة اقتصادية واعدة للمزارعين المواطنين، نظراً لقيمتها العالية في الأسواق واعتماد معظم المنتجات المتوافرة عالمياً على مواد اصطناعية، بينما يمكن إنتاج الفانيليا الطبيعية محلياً، تحت الظل فقط، ودون حاجة إلى محميات أو معدات باهظة الثمن، مستفيدين من خصوبة تربة الدولة ورطوبتها، مشيراً إلى أن «نجاح الفانيليا يأتي امتداداً لتجربة الكاكاو، بعد النجاح في إنتاج أكثر من 50 ألف شتلة متنوعة منها».
وبيّن الحفيتي أن تجربته مع الفانيليا كشفت له تحدياً لطالما عانى منه المزارعون، وهو ارتفاع حرارة المياه في فصل الصيف، إذ يفقد كثير من النباتات قدرته على النمو حين يروى بمياه خزانات ترتفع حرارتها إلى مستويات لا تحتملها الأشجار الاستوائية، فبدأ البحث عن حل عملي يخفف أثر هذه المشكلة دون اللجوء إلى أنظمة التبريد المكلفة، ليصل إلى فكرة استخدام مياه أحواض الأسماك بوصفها مصدراً طبيعياً للماء المعتدل والمغذيات العضوية.
وأكد أن هذا النظام، المعتمد على «الزراعة السمكية»، أتاح له توفير بيئة أكثر استقراراً للنبات، وأسهم في تحسين نمو أصناف عديدة، مثل الكاكاو والفستق والنباتات النادرة المزروعة في الظل، ما جعله جزءاً أساسياً من منظومة الزراعة في مزرعته.
واختار الحفيتي إنشاء بيئة موحدة تناسب معظم النباتات، بدلاً من إقامة محمية لكل نوع، وذلك عبر توفير الظل والرذاذ الاصطناعي والرطوبة والمياه الحلوة والتربة المتوازنة التي تلائم غالبية الأصناف، الأمر الذي أسهم في نجاح الزراعة دون تكاليف عالية أو حلول اصطناعية.
وأشار إلى أن مشروعه الزراعي بدأ كمشتل صغير في وادي دفتا لبيع الأشجار النادرة، لكنه تحول تدريجياً إلى مشروع أكبر حمل اسم «بوتانيكال فارم»، ليصبح أول مزرعة تعليمية من نوعها على مستوى الدولة، تضم أكثر من 500 شجرة نادرة ومتنوعة جلبت من مختلف قارات العالم.
ولفت إلى أن هذا التنوع يتجاوز ما يوجد في المزارع المشابهة خارج الدولة، نظراً لتعدد أصناف الفاكهة والمكسرات والنباتات العطرية والاستوائية، مثل الموز والمانجو والكاجو والفستق والكاكاو وباشن فروت والأفوكادو والنوني، إضافة إلى أنواع من التوابل، كالقرفة والفلفل الأسود وأوراق الغار والتمر الهندي، كما تعتمد المزرعة على الطاقة الشمسية، وتدار وفق نظام زراعة عضوية كاملة.
وقال الحفيتي إن «البوتانيكال فارم» بات قريباً من الافتتاح، ليكون وجهة تعليمية وسياحية توفر تجارب معرفية حول النباتات النادرة وأساليب التكيف الزراعي، مؤكداً أن «الأرض في الإمارات معطاءة، وإذا توفرت المعرفة والإصرار فيمكننا إنجاح أكثر النباتات ندرة، ومنها الفانيليا».
أحمد الحفيتي:
• الأرض في الإمارات معطاءة، وإذا توافرت المعرفة والإصرار فيمكننا إنجاح أكثر النباتات ندرة، ومنها الفانيليا.
• «بوتانيكال فارم» أول مزرعة تعليمية في الدولة، وتضم أكثر من 500 شجرة نادرة من مختلف قارات العالم.
