شهدت دول الخليج العربي خلال الفترة من 12 إلى 18 ديسمبر 2025، حالة جوية استثنائية، وصفت بأنها من الأشد قسوة منذ سنوات، نتيجة لتلاقي كتلة هوائية باردة قادمة من سيبيريا مع رطوبة مدارية من بحر العرب. تسببت هذه الظروف الجوية في أمطار غزيرة، سيول، وانخفاض حاد في درجات الحرارة، وشهدت مناطق في شمال المملكة العربية السعودية تساقطاً للثلوج.
أدت هذه الحالة الجوية إلى تعطيل الحياة اليومية في العديد من الدول الخليجية، حيث اتخذت الحكومات إجراءات احترازية شملت تعليق الدراسة، وتفعيل العمل عن بعد، ورفع حالة التأهب في أجهزة الطوارئ. وتأتي هذه الأحداث في وقت يشهد فيه العالم تزايداً في الظواهر المناخية المتطرفة، مما يثير تساؤلات حول تأثير التغير المناخي على المنطقة.
تطورات الحالة الجوية وتأثيرها على دول الخليج
بدأت الحالة الجوية في 11 ديسمبر بتعمق منخفض جوي علوي، مصحوباً بكتلة هوائية باردة في طبقات الجو العليا. تزامن ذلك مع تدفق رطوبة كثيفة من بحر العرب وبحر عُمان، مما أدى إلى تشكل سحب رعدية امتدت من شمال السعودية إلى سلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة. وقد ساهم انخفاض درجات الحرارة في طبقات الجو المتوسطة في زيادة فرص هطول الأمطار الغزيرة، خاصة في المناطق الجبلية.
رافق هذه الحالة الجوية رياح نشطة شمالية غربية بلغت سرعتها بين 20 و40 عقدة، مما أدى إلى تدني مستوى الرؤية الأفقية في بعض المناطق إلى أقل من 500 متر، مع نشاط للعواصف الرملية في المناطق الصحراوية. وقد أثرت هذه الرياح والعواصف على حركة النقل والملاحة في بعض المناطق.
السعودية: عودة الثلوج إلى المرتفعات
شهدت مناطق شمال المملكة العربية السعودية الحدث الأبرز في هذه الموجة الجوية، حيث تساقطت الثلوج على المرتفعات الشمالية اعتباراً من 16 ديسمبر. وشملت الثلوج مناطق جبل اللوز وعلقان في تبوك، بالإضافة إلى أجزاء من نيوم، حيث غطت الثلوج القمم الجبلية على ارتفاعات تجاوزت 1500 متر.
انخفضت درجات الحرارة في طريف وتبوك إلى ما بين 1 و4 درجات مئوية فجراً في 17 و18 ديسمبر، مع تشكل الصقيع في المناطق المكشوفة. أدت الثلوج والأمطار المصاحبة إلى إغلاق بعض الطرق الجبلية مؤقتاً، مع تحذيرات من تدني الرؤية والانزلاقات. كما شهدت المناطق الوسطى أمطاراً رعدية غزيرة، خاصة في القصيم وحائل، مع جريان وادي الرمة وانقطاع بعض الطرق الفرعية.
عطلت السلطات السعودية الدراسة في بعض المدن، حيث قررت إدارة تعليم العاصمة الرياض تحويل الدراسة ليومي الاثنين والثلاثاء (15-16 ديسمبر) إلى نظام التعليم عن بعد عبر منصة “مدرستي”.
سلطنة عُمان: سيول وأضرار
تأثرت سلطنة عُمان بشكل كبير بالحالة الجوية، حيث شهدت مناطق شمال الباطنة والبريمي وجبال الحجر أمطاراً متوسطة إلى غزيرة بين 13 و18 ديسمبر. سجلت بعض الولايات هطولات يومية تراوحت بين 10 و25 ملم، مصحوبة بعواصف رعدية. أدت الأمطار إلى جريان عدد من الأودية، مثل وادي الجزي ووادي بني غافر، مع تسجيل حوادث لمركبات جرفتها المياه، على الرغم من التحذيرات الرسمية.
الإمارات العربية المتحدة: اضطرابات في حركة المرور والطيران
تأثرت دولة الإمارات العربية المتحدة بجبهة جوية نشطة بدءاً من 14 ديسمبر، حيث شهدت مناطق متفرقة من أبوظبي ودبي والشارقة ورأس الخيمة أمطاراً رعدية غزيرة، مصحوبة بحبات برد في بعض المناطق. تسببت الأمطار في اختناقات مرورية مؤقتة وتدنٍ في الرؤية إلى أقل من 200 متر في بعض الطرق السريعة. كما شهدت حركة الطيران تأخيرات وتحويلات محدودة، مع توجيه شركات الطيران بتعديل جداول الرحلات.
اتخذت السلطات المحلية إجراءات احترازية، بما في ذلك تفعيل العمل عن بعد لبعض الجهات الحكومية، وتعليق بعض الأنشطة الإنشائية الخارجية بسبب الصواعق، وإغلاق مؤقت لبعض الشواطئ والحدائق.
تأثيرات أخرى في دول الخليج
في قطر، أدت الأمطار الغزيرة إلى إيقاف مباراة منتخب السعودية والإمارات لتحديد المركز الثالث في بطولة كأس العرب، قبل أن يعلن منتخب الإمارات أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) قرر إلغاء المباراة. وفي الكويت، أعلنت وزارة التربية تعطيل الدراسة في جميع مدارس البلاد بسبب توقعات الأحوال الجوية المتقلبة.
نظرة مستقبلية
تشير التوقعات إلى بدء انحسار الحالة الجوية تدريجياً اعتباراً من 19 ديسمبر من الجهة الغربية، مع استمرار تأثيراتها على أجزاء من سلطنة عُمان والإمارات حتى نهاية الأسبوع. من المتوقع بقاء موجة صقيع على شمال السعودية خلال الفترة اللاحقة، خاصة في ساعات الفجر. يجب على السكان في المناطق المتأثرة الاستمرار في متابعة التحديثات الجوية واتخاذ الاحتياطات اللازمة، مع الأخذ في الاعتبار احتمال حدوث المزيد من التقلبات الجوية في المستقبل القريب. الطقس في المنطقة لا يزال غير مستقر، ويتطلب متابعة مستمرة.
