اعتاد الناس، على مر العصور، تبادل الهدايا بمختلف الأشكال المادية المتاحة، إلى أن ظهر خلال السنوات الأخيرة نوع مستحدث من الهدايا لا يملكه أحد، هو نجوم السماء، في الوقت الذي وصفه «فلكيون» بـ«تجارة الوهم»، إذ يهدف إلى الاحتيال والخداع من أجل التربح واستنزاف أموال المغرر بهم.
ورصدت «الإمارات اليوم» مواقع إلكترونية تعرض بيع نجوم في السماء بعبارات ترويجية مثل «اشتر نجم في السماء» مقابل مبالغ مالية تراوح بين 200 و1000 دولار، مع إعطاء شهادة لصاحب النجمة تزعم إنها إثبات ملكية وهي تحمل اسمه وبيانات حول موقع النجم في السماء، ليحتفظ بها المشتري أو يقدمها هدية لمن يريد.
وانتشر، أخيراً، عبر وسائل الإعلام العالمية، فيديو مصور لرجل من جنسية دولة عربية، يعلن في ليلة زفافه إهداء نجمة في السماء لزوجته، وأنه يحمل شهادة تحمل اسمها كنوع من الهدايا الثمينة، تعبيراً عن حبه الكبير لها.
وحذر فلكيون من الانسياق وراء هذه المواقع، معتبرين هذه الممارسات نوعاً من النصب والخداع، بهدف التربح، حيث يبيعون أشياء لا يملكونها، ولا يمكن لمشتريها رؤيتها، سواء بالعين المجردة أو حتى بأجهزة التليسكوب الحديثة، حيث لا ترى النجوم عادة إلا كنقطة مضيئة في السماء.
واعتبروا إقبال أشخاص على دفع أموال مقابل الحصول على ملكية وهمية لنجم أو قطعة من القمر أو أي مكان خارج الكرة الأرضية، نوعاً من الجهل والسذاجة، والنصب عبر الفضاء، حيث يبيعون أشياء ليست ملكاً لأحد، ولا يمكن الحصول عليها بأي شكل أو صورة.
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة دبي للفلك، حسن الحريري، أن ظاهرة شراء نجوم السماء شهدت رواجاً خلال السنوات الأخيرة بين كثير من الناس، مشيراً إلى أن المركز سبق أن استقبل أشخاصاً يحملون شهادات تحمل أسماءهم على نجوم يطالبون برؤيتها عبر أجهزة الفلك الخاصة بالمركز.
وأكد الحريري أن إقبال الناس على شراء نجوم السماء نوع من السذاجة والجهل، خصوصاً أن بعضهم يدفع مبالغ مالية تصل إلى 1000 دولار، في حين لا يمكن رؤية هذه النجوم بوساطة أحدث التلسكوبات المتوافرة.
وذكر أن «مجموعة من الأشخاص طلبوا من المركز دعمهم في مشروعهم لبيع النجوم في السماء للراغبين بمقابل مادي، إلا أن المركز رفض التعاون معهم، وأصدر تحذيرات بشأنها، ورغم ذلك وقع كثير من الناس ضحايا لهم».
وحذر رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للفلك عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، إبراهيم الجروان، من الوقوع ضحية لعمليات النصب الإلكتروني تحت مسمى امتلاك نجوم السماء، للنفس أو كهدايا للمحبين، واصفاً العملية بالنصب والخداع، حيث يبيع من لا يملك الشيء لمن لا يمكنه الحصول عليه، مقابل مبالغ زهيدة.
وشدد الجروان على ضرورة الابتعاد عن هذه المواقع التي تبيع الوهم بهدف التربح، مستغلين جهل كثيرين بهذه الأمور، مقابل مبالغ مالية تدفع للحصول على مجرد وهم.
وأفاد مدير مركز الفلك الدولي، المهندس محمد شوكت عودة، أنه لاشك في أن بيع شهادات بأسماء النجوم لأشخاص هو نوع من الخداع والتربح، في الوقت الذي ينظر له آخرون أنه نوعاً من المجاملة المقبولة مجتمعياً، مشيراً إلى أن نجوم السماء لا تسمى، وإنما تطلق الأسماء على الكويكبات تحت إشراف اتحاد الفلك الدولي، كنوع من التكريم لمتكشفها أو لأسماء علمية بارزة لها إسهامات أضافت للبشرية.
واعتبر استشاري الطب النفسي الأستاذ في كلية الطب بجامعة رأس الخيمة، الدكتور طلعت مطر، أن هذه الفئة من أفراد المجتمع الذين يتوهمون شراء نجوم في السماء، يعانون الفراغ، وفقدان الشعور بقيمة المال، حيث لا تساوي هذه الورقة التي يدفعون فيها مئات الدولارات أي قيمة تذكر، إلا أنهم يقعون تحت تأثير النصب بالإيحاء، كذلك يمكن وصف بعض ضحايا هذه المواقع بقليلي الذكاء، يمكن استغلالهم والتأثير فيهم بسهولة، وسرقة أموالهم.